الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وضع الفتاة التي بين 12، 16 عاما صورها على الفيسبوك من غير طرحة

السؤال

ما حكم وضع الفتاة ـ ما بين 12ـ و16 عاما ـ صورها على الفيسبوك من غير طرحة مع ستر باقي الجسم؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن البنت في هذا السن مظنةُ البلوغ والشهوة في الغالب، وعليه فلا يجوز لها نشر صورها لا على الفيسبوك ولا غيره من وسائل النشر، لا سيما وأن في ذلك فتحَ باب النظر إليها، للتقي والفاجر، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {الأعراف:26}فإذا بلغت الجارية إلى حدٍّ تأخذها العين وتُشتهى سترت عورتها. اهـ

وعليه مذهب المالكية، وقد نص الفقهاء على أن الفتاة إذا بلغت تسع سنين أو عشراً لم يجز النظر إليها، لكونها في سن الحيض ومظنة اشتهائها، فكيف بمن تخطت الثانية عشرة؟ قال الإمام الماوردي في الحاوي: فلو بلغ الغلام عشر سنين والجارية تسع سنين كانا كالبالغين من الرجال والنساء في حكم العورة وتحريم النظر إليها، لأن هذا زمان يمكن فيه بلوغهم، فجرى حكمه لتغليظ حكم العورات. اهـ

وقال ابن حجر في التحفة: المدار على الاشتهاء وعدمه بالنسبة لذوي الطباع السليمة. اهـ.

أي: فمرجعه إلى عرف هؤلاء، كما هو مذهب الشافعية، ومعلوم أن من كانت في هذه السن فهي أهل للنكاح، فمثلها مظنةٌ للشهوة، كما قالت عائشة ـ رضي الله عنها: إذا بلغت الجارية تسع سنين، فهي امرأة. أي حكمُها حكمها.

قال ابن قدامة في الكافي: لأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه، فأشبهت البالغة. اهـ

وفي حاشية اللَّبَدي على نيل المآرب: صريح كلام أكثر أئمتنا من أن الذكر إذا تمَّ له عشر سنين كالبالغ، ومقتضاه أن البنت إذا بلغت تسعًا تكون كالبالغة، ولذا قال أبو المعالي: هي بعد تسع، والصبي بعد عشر، كبالغ ـ وهو خلاف كلامهم. لكن يطلب الفرق منهم بينهما، والظاهر أن لا فرق، بل لو قيل بأن بنت تسع كالبالغة، وابن عشر ليس كالبالغ، لكان له وجه، وحديث: لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ـ يشملها، لأن المراد: من يمكن حيضها. اهـ.

فمن كان سنها فوق الثانية عشرة فهي أولى بالمنع من ذات التسع أو العشر، سواءً بلغت أم لم تبلغ، فإن كانت قد بلغت فهي امرأة مكلفة، لها حكم المرأة، فحكمها أشد، ولمعرفة كلام العلماء في علامات البلوغ راجع الفتوى رقم: 10024.

وكذلك راجع الفتوى: 226021، لمعرفة عورة المرأة أمام الرجال ولو في صورة، ومثلها من كان في حكمها.

وعليه، فإن كنتَ ذا ولاية على هذه الفتاة فعليك منعها من وضع صورها في الإنترنت، وزجرها عنه، وأمرها بالحجاب وتعويدها على الستر والتزام الفضيلة ولباس التقوى، وقد جاء في الموسوعة الفقهية: على الأب أن يمنع بنته الصغيرة عن التبرج إذا كانت تُشتهى، حيث لا يباح مسها والنظر إليها والحالة هذه لخوف الفتنة، وكذلك عليه ذلك بالنسبة لبنته التي لم تتزوج متى كانت في ولايته، إذ ينبغي له أن يأمرها بجميع المأمورات، وينهاها عن جميع المنهيات، ومثل الأب في ذلك وليها عند عدمه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني