الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة الجماعة في مسجد فيه بدع وانتشار لأحاديث غير صحيحة وسرعة في بعض أركان الصلاة

السؤال

أقيم في كندا، ويوجد مسجد قريب مني، والقائمون عليه إخوة من الهند وباكستان، ولديهم بعض البدع واللحن في القراءة وعدم النطق الصحيح للقرآن، ويسرعون في السجود والرفع من السجود، وصلاة الجمعة في أغلب المساجد هنا هكذا، ولا يحبون أن أصلي بهم، لأنني عربي وأحفظ بعضا من القرآن، ولا أحب أن أفرق بين المسلمين، فلا أصر على الإمامة، فهل أصلي في بيتي وأمتنع عن الجماعة؟ أم أستمر معهم؟ وأيضا يقرؤون كتابا يقال له: فضائل الأعمال ـ وفيه بعض الأحاديث الموضوعة والمكذوبة، ولا أستطيع أن أنكر عليهم، لأنهم لا يسمعون لي، وقلبي معلق بالمساجد من فضل الله، وأخاف على نفسي وإيماني بالله أن يضعف، أو يدخلني بعض الشرك ـ والعياذ بالله ـ إذا استمررت في الصلاة معهم، ولا أستطيع أن أنتقل إلى مدينة أخرى لأنني انتقلت هنا قريبا.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإذا كانت الأخطاء التي يقع فيها الإمام من اللحن في القراءة والإسراع في الركوع والسجود لا تصل إلى حدٍّ تبطل به الصلاة، فإنه ينبغي لك أن تحافظ على الصلاة في المسجد حتى تنال ثواب صلاة الجماعة، وثواب السعي إلى المسجد وتحفظ نفسك من الضياع، ولا يجوز لك التخلف عن الجماعة والحال هذه إن كنت لن تصلي في جماعة أخرى ولو في البيت، ونحن على علم بأن المحافظة على الصلاة في المسجد في بلاد الغرب من أعظم الأسباب المعينة على الاستقامة، وأن كثيرا ممن يترك المساجد يؤول حاله إلى ما لا تحمد عقباه من الانتكاسة والتفريط في الفرائض والوقوع في المحرمات، كما أن الصلاة في جماعة المسجد واجبة في قول كثير من الفقهاء، ولأجل كل هذه المعاني فإنه ينبغي لك أخي السائل أن تجتهد في المحافظة على الصلاة في المسجد ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فإنه أعظم لأجرك، وأحفظ لدينك، وأبعد لك عن الشيطان، وفي الحديث الصحيح: فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الذِّئْبَ يَأْكُلُ الْقَاصِيَةَ. قَالَ السَّائِبُ ـ أحد رواة الحديث: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ ـ رواه أحمد وأبو داوود.

والمعنى أَن الشيطان يَتَسَلَّط عَلَى مَنْ يَعْتَاد الصَّلَاة بِالِانْفِرَادِ وَلَا يُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَة، وما ذكرته من أنهم يقرؤون كتابا فيه أحاديث ضعيفة أو موضوعة لا يبرر التخلف عن جماعة المسجد، وتضييع الأجور العظيمة المترتبة على عمارته وتعريض نفسك لخطر تسلط الشيطان.

وأما إذا كانت أخطاء الإمام تصل إلى حد بطلان الصلاة بأن يكون يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى أو يبطله أو يسرع إسراعا يخل بالطمأنينة التي هي ركن في الصلاة، فإنه يتعين عليك عدم الاقتداء به، ولتحرص على أداء الصلاة جماعة ولو في البيت مع أهل بيتك، وانظر الفتوى رقم: 186469، عن حد اللحن الذي يبطل الصلاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني