الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التوظف في شركة أصحابها من المبتدعة

السؤال

ما هو حكم العمل مع أصحاب عمل من المبتدعة؛ لما لهم من صفات محرمة، ومعروفة لدى الجميع، لا أريد أن أسردها؟
فهل يعتبر العمل معهم تعاونا لهم على الإثم والعدوان؟ وخاصة إذا كانت الوظيفة كمحام أو محاسب، فيحاولون استغلال هذه المهن، والعاملين بها للتلاعب، وأخذ أغراضهم من الآخرين بصورة غير واضحة، وغير عادلة، وعدم إظهار الحقائق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن العمل المباح عند الكفار فضلا عن المبتدعة جائز؛ يدل لذلك أن الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يعملون بالأجرة مع اليهود، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، فعن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيراً فقلت: بأبي أنت، مالي أراك متغيراً، قال: ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث، قال: فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له، فسقيت له على كل دلو بتمرة، فجمعت تمراً، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من أين لك يا كعب فأخبرته.... الحديث. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد، كما قال الهيثمي في المجمع، وقد حسنه الألباني في صحيح الترغيب.

وقد استدل ابن قدامة بهذا الحديث على جواز استئجار الكافر المسلمَ، فقال في المغني: إن أجر نفسه منه في عمل معين في الذمة كخياطة ثوب وقصارته، جاز بغير خلاف فعله؛ لأن عليًّا رضي الله عنه أجر نفسه من يهودي يستقي له كل دلو بتمرة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلم يُنكره، وكذلك الأنصاري، ولأنه عقد معاوضة لا يتضمن إذلال المسلم ولا استخدامه. وإن أجر نفسه منه لعمل غير الخدمة مدة معلومة جاز أيضاً. انتهى.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: ما حكم من يشتغل عند شخص غير مسلم؟

فأجابت: تأجير المسلم نفسه للكافر لا بأس به إذا كان العمل الذي يقوم به مباحا: كبناء جدار، أو بيع سلعة مباحة، أو ما أشبه ذلك من الأعمال المباحة، لأن عليا ـ رضي الله عنه ـ أجر نفسه ليهودي بتمرات على نضح الماء له من البئر، فعن ابن عباس -رضي الله عنه-: أن عليا ـ رضي الله عنه ـ أجر نفسه من يهودي يسقي له كل دلو بتمرة. أخرجه البيهقي، وابن ماجه. اهـ.

وأما إن كان العمل يشتمل على ما هو محرم، فإنه لا يجوز؛ لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2]، ولما روى مسلم في الصحيح عن جابر -رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني