الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرجل والمرأة.. علاقة احتياج وألفة وتكامل

السؤال

هل صحيح أن المرأة خلقت من أجل الرجل ومتعته، وتكون المرأة متاعا مسخرا للرجل؛ استنادا إلى قوله تعالى: وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم، والحديث: الدنيا متاع...، فهناك من يعتبر أن المرأة مخلوقة للرجل؛ استنادا إلى قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها، وهناك من يعتبرها مخلوقة من أجل عبادة الله وليسكن الرجل إليها وتسكن إليه، ويكمل بعضهما البعض؛ استنادا إلى قوله تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا...، والمقصود في "لكم" هنا نوع الإنسان وليس الذكور في تفسير قرأته، فأي القولين أصح؟ وإذا كانت المرأة الصالحة خير متاع الدنيا فهل الرجل الصالح خير متاع الدنيا بالنسبة إلى المرأة؟ أرجو الرد بسرعة وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد خلق الله تعالى كلا من الزوجين للآخر، فكل منهما محتاج لصاحبه، ولذلك امتن الله تعالى على الناس بخلق الذكر والأنثى، قال تعالى: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى {النجم:45}، وقال: وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا {النبأ:8}، قال ابن كثير: يعني: ذكرًا وأنثى، يستمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك. اهـ.

فكلاهما خادم للآخر محتاج إليه، فلا يستغني الرجل عن المرأة، ولا تستغني هي عنه، فهنالك أمور تقوم بها المرأة، يعجز عنها الرجل أو تصعب عليه، وخاصة في شؤون البيت وتدبير أمره وأمر العيال، وهنالك أمور تحتاج إلى الجلد كالسعي في الأرض لكسب العيش قد تعجز عنها المرأة أو يصعب عليها، خاصة مع ما ينتاب المرأة من أمر الحيض والحمل ووضعه والرضاعة ونحو ذلك.

وهكذا نريد للمسلم أن يفهم أن هذه الحياة تكامل بين الزوجين، وإذا فهمت على هذا الأساس صلح الحال، وسعدت الأسر، واطمأن قلب المؤمن إلى عظمة هذا الدين.

وقول الله تعالى: وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء:166}، جاءت في معرض كلام لوط عليه السلام مع قومه وبيانه لهم ما أحل الله لهم من إتيان الإناث، وأنه يحرم عليهم إتيان الذكور، فذكر الحلال في مقابل الحرام، قال الشنقيطي في أضواء البيان: فإنه يدل في الجملة على أن تركهم ما خلق الله لهم من أزواجهم، وتعديهم إلى غيره يستوجب الملام. اهـ.

وآيتا الأعراف والروم امتنان من الله تعالى على الرجال على أن الله سبحانه قد خلق لهم أزواجا من جنسهم، لتحصل الألفة، ولم يكن من جنس آخر فتحصل النفرة، وحملها بعضهم على خلق حواء من آدم عليه السلام، قال ابن كثير في تفسيره لآية سورة الروم: أي: خلق لكم من جنسكم إناثا يَكُنَّ لكم أزواجا.... يعني بذلك: حواء، خلقها الله من آدم . اهـ. وكونه قد ذكر هنا أنها خلقت للرجل لا يعني أنه لم يخلق لها؛ كما ذكرنا سابقا.

وكذلك الحال بالنسبة لحديث: الدنيا متاع...الخ. فإنه ينص على أن المرأة الصالحة متاع للرجل، ولكنه لم ينف كون الرجل الصالح متاعا بالنسبة للمرأة، ومن هنا جاء الحث على اختيار صاحب الدين والخلق من الأزواج، ففي سنن الترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني