الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قواعد التدبر الأمثل للقرآن الكريم

السؤال

عندي بعض الأسئلة:
- أطلب منكم طريقة منهجية لتدبر القرآن فعلا.
- كيف أتدبره؟
- عندي عقدة في نفسي أن التدبر المنهجي لا يكون إلا لشخص متفرغ، وطالب علم.
- كم المقدار اليومي الذي تنصحون به؟
- كيف أحافظ على ما تدبرته سابقا؟
- كيف أعرف أني تدبرت؟
مع العلم بأني طالب في كلية الهندسة، وأنا في حلقة لحفظ القرآن.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيقول الله عز وجل: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ {ص:29}، فقوله تعالى (ليدبروا آياته) "أي: يتفهموها ويتعقلوها، ويمعنوا النظر فيها، حتى يفهموا ما فيها من أنواع الهدى". أضواء البيان.
فتدبر القرآن: "هو التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم ذلك". تفسير السعدي.
وعلى ذلك؛ فمتى تأملت في معاني ما تقرؤه من القرآن، وتفكرت فيه فقد تدبرته، فإذا عملت بما تدبرته فهذه ثمرة التدبر، ومما قيل في معنى تدبر آيات القرآن: "اتباعه في أوامره ونواهيه". تفسير الخازن.
وليس من شروط التدبر: أن تكون من طلبة العلم المتفرغين، فهؤلاء قلة في الناس، بينما التدبر مطلوب من عموم العباد، كل على حسب معرفته وقدرته، كما سبق في الفتوى رقم: 9186، وإن كان الاطلاع على علم التفسير مما يساعد على التدبر. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 9387.
وعلى ذلك؛ فلا تعارض بين دراستك للهندسة، وبين إمكان تدبرك للقرآن الكريم، كما لا تعارض بين الانتظام في حلقات تحفيظ القرآن، وبين التدبر، ولكل وقته.
وقد ذكرنا بعض الإرشادات المعينة على تدبر القرآن في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 159965، 30338، 23597.
وأما مقدار القراءة بالتدبر؛ فيختلف من شخص لآخر، كل حسب ما يتيسر له، فننصحك بأن تعيّن لنفسك مقدارا تحافظ عليه بما لا يخل بالمصالح الأخرى المتعلقة بأمور دينك ودنياك. وانظر الفتوى رقم: 37774، وإحالاتها.
وأما الحفاظ على ما تدبرته سابقا؛ فلا ندري ما تقصد به، وعموما: فينبغي أن يترجم هذا التدبر في صورة أثر حقيقي على الشخص في ظاهره وباطنه، وبذلك يكون قد انتفع بما تدبره؛ قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {الأنفال:2}، فالانتفاع بالقرآن، والعمل به، هو ثمرة التدبر؛ كما سبق.

ثم اعلم أن القرآن العظيم لا تنقضي عجائبه، ولا يحيط قارئه بما فيه من خيرات وبركات مهما كرر القراءة، فينبغي للمسلم أن يكثر من ختم القرآن الكريم، وتدبره حسب ما يتيسر له .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني