الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يدخل قبول الإمام للهدية في هدايا العمال

السؤال

سألتكم عن حكم قبول الإمام للهدية، فأجبتم بأنه لا حرج عليه، ولكن أشكل علي إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم على الرجل الذي استعمله على جمع الصدقات، فقال عنه: ألا جلس في بيت أبيه، وأمه، فنظر أيهدى له أم لا؟ أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الهدية المحرمة: هي التي بمعنى الرشوة، وهي ما يهدى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، وهي التي جاء فيها عن عبد الله بن عمرو قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي. رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

فإذا كانت الهدية المذكورة من هذا القبيل، فهي لا تجوز قطعا، ولا يجوز قبولها سواء كان ذلك للإمام أو لغيره. ولا يجوز قبولها أيضا إذا أعطيت للشخص بموجب وظيفته، وهي التي ورد النهي عنها في الحديث الذي أشرت إليه، وهو حديث متفق عليه، عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد، يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، وأثنى عليه وقال:" أما بعد فإني استعمل رجالا منكم، على أمور، مما ولاني الله، فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم، وهذا هدية أهديت لي، فهلا جلس في بيت أبيه، أو بيت أمه، فينظر أيهدى له أم لا ؟ والذي نفسي بيده، لا يأخذ أحد منه شيئا، إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرا له خوار، أو شاة تيعر".
قال العلماء: وهو في حق كل من تكون وظيفته التعامل مع الجماهير؛ لأن قبوله تلك الهدايا، والعطايا علة قوية في استمالته إلى من أهدى إليه، وتقصيره في حق من لم يعطه شيئاً..

قال الباجي في المنتقى: وإنْكَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ قَوْلَهُ :"هَذَا أُهْدِيَ لِي" فَإِنَّهُ كَانَ عَامِلًا، وَهَذِهِ رِشْوَةٌ؛ لِأَنَّ عَامِلَ الصَّدَقَةِ لَا يُهْدَى إلَيْهِ إلَّا لِيَتْرُكَ لِلْمُهْدِي حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُفَّ عَنْهُ ظُلْمَهُ وَإِذَايَتَهُ، وَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ رِشْوَةٍ. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ، السَّبَبَ فِي تَحْرِيمِ الْهَدِيَّةِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا بِسَبَبِ الْوِلَايَةِ، بِخِلَافِ الْهَدِيَّةِ لِغَيْرِ الْعَامِلِ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني