الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قال لزوجته: "إما أن ترضعي الولد كما قلت لك في مكان مقفل، وإما: "أنت طالق"

السؤال

أنا مغترب وزوجتي في بيت والدها، وأنا شخص غيور بدرجة عالية جدًّا جدًّا، وحذّرتها من ذلك مرارًا، وكنا نتكلم عن طريق المراسلة الفورية –الشات- وكان عندهم شخص غريب -زوج أختها- والبيت عندهم ضيّق، وكانت ترضع ابني في صالة المنزل، وهو في الغرفة المقابلة وبابها مفتوح، وكان غير مواجه لها، وكان يعلم أنها ترضع، فأخذ احتياطاته، لكني غضبت جدًّا، وأرسلت لها: إما أن ترضعي الولد -كما قلت لك- في مكان مقفل، وإما: "أنت طالق"، علمًا أنها كثيرًا ما تجادل، ولا تسمع الكلام مباشرة؛ ظنًّا منها أنه مغالاة في الطلب.
مع العلم أنه ـ لم يكن في نيتي الطلاق، بل الزجر، والطاعة الفورية دون نقاش ـ وشقتهم صغيرة، فلن يتم العزل إلا في غرفة؛ لذلك قلت: مكان مقفل طبقًا للمكان ـ ولم يكن في نيتي وتفكيري وقتها إلا هذا الوضع، وهذا الموقف ـ وكنت أقصد أن يكون هناك عازل لمنع الشك بينها وبين أي شخص أجنبي كما كنت أشرح لها مرارًا، وهذا ما كنت أقصده بـ "كما قلت لك"ـ وإني وقتها كنت أتكلم مع شخص آخر، وكنت مستشيطًا غضبًا فضغطت على زر إرسال ببعض التسرع ـ وبالطبع لم أكن أستطيع أن أوضح مقصودي ونيتي لها في الشات في نفس الوقت مع الغضب الشديد.
وهي فعلت ما أمرتها به في بيت والدها، ودخلت ترضع ابني في غرفة أخرى مغلقة، وأريد أن أعرف ما الحكم في هذا الوضع؟ وفيما يلي هذا الموقف من وقت، وأبتغي الموعظة -أثابكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على وقوع الطلاق المعلق بحصول الشرط، سواء قصد الزوج الطلاق، أم قصد التأكيد، أم التهديد، ونحوه، وهذا هو المفتى به عندنا، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ومن وافقه، يرى أنّ الحلف بالطلاق وتعليقه بقصد التأكيد لا يقع بالحنث فيه طلاق، ولكن تلزم الحالف كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وعليه، فما دامت زوجتك قد أطاعتك فقد بررت في يمينك ولم يقع طلاقك.

وأما فيما يستقبل: فالمفتى به عندنا أنّ زوجتك إذا خالفت ما أمرتها به ـ وهو إرضاع الطفل في غرفة، أو مكان مغلق بحيث لا يطلع عليها الرجال ـ وقع طلاقها، سواء كان هذا في بيت أهلها أم في غيره، ما لم تكن نيتك قاصرة على هذا البيت، أو على ما شابهه مما هو ضيق لا يمكن التحفظ فيه إلا بدخول غرفة وإغلاقها، وإذا لم تكن لك نية محددة عُمل بالسبب المهيِّج على اليمين، وهو كراهتك ألا يراها أحد وهي ترضع، فحيث تحقق صيانتها من ذلك فقد بررت في يمينك، ولو لم تكن في غرفة مغلقة.

وعلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لا يقع الطلاق، ولكن تلزمك كفارة يمين.

والواجب على زوجتك طاعتك في المعروف، ومن ذلك التستر حال إرضاع الطفل حتى لا يرى أجنبي عورتها، فهذا واجب عليها، وليس من المبالغة في الغيرة، بل هو من الغيرة المطلوبة، ولمعرفة حدود الغيرة المحمودة والمذمومة راجع الفتوى رقم: 71340.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني