الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صور الزور والكذب في توقيع الحضور للوظيفة

السؤال

شخص يعمل مدرسًا في الأزهر الشريف (مؤسسة حكومية في مصر)، ويلزِمهم العمل أن يذهبوا كل يوم إلى العمل، سواء أثناء الدراسة أو في الإجازة؛ لكي يوقعوا على دفتر الحضور والانصراف. وفي أثناء الإجازة -تخفيفا عليهم- قال لهم مدير الفرع الذي يعمل فيه: لا تأتوا كل يوم، وتعالوا في اليوم الثالث. ويوقع أنه حضر ثلاثة أيام (بمعني: أنه لا يذهب إلى العمل السبت، والأحد، ويذهب يوم الإثنين، ويوقع على أنه حضر السبت، والأحد، والإثنين )، فهل هذا يجوز؟ وهل يجوز لمن يأتي من مسافات بعيدة أن يفعل ذلك؟ مع العلم أن هذا المدير أيضًا يجب عليه أن يوقع حضورًا وانصرافًا؛ لأنها مؤسسة حكومية، مع العلم أنه في الإجازة لا يعطي حصصًا، لأن الطلبة في إجازة، ولا يفعل شيئًا، بل يذهب يوقع، ويجلس قليلًا مع زملائه وينصرف. وهل من الممكن أن أذهب إلى العمل ويقول لي صديقي: اعذرني عندي ظروف طارئة وقِّع لي أني حضرت. فهل هذا يجوز؟ وهل تعتبر شهادة زور أن وقعت له أنه حضر، وهو لم يحضر؟ وهل للمدير الحق في أن يقول لهم ذلك؟ مع العلم أنه قال: إذا جاء تفتيش من المؤسسة أنا بريء منكم، ولم أقل لكم شيئًا، وأنتم الذين لم تحضروا. فهل يحق له أن يقول: لا تأتوا يومين، وتعالوا في الثالث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه يجب على الموظف الالتزام بمقتضى نظام جهة العمل، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، فيجب على الموظف الالتزام بنظام الحضور والانصراف، وإذا أَلزمتِ الموظف بالحضور للتوقيع في الإجازة، فيتعين عليه الالتزام بذلك، ولا تجوز له المخالفة.

وأما ترخيص المدير في التخلف عن الحضور، والتوقيع لثلاثة أيام في يوم واحد: فلا يبيح ذلك للموظف، ولا تبرأ به ذمته، إلا إن كان المدير مخولًا بذلك ممن يملك الإذن، والظاهر من قولك: (أنه قال: إذا جاء تفتيش من المؤسسة أنا بريء منكم، ولم أقل لكم شيئًا، وأنتم الذين لم تحضروا) أن المدير ليس من حقه الإذن في ذلك.

وكذلك لا يحل للموظف أن يوقع الحضور نيابة عن زميله المتخلف، كما سبق في الفتوى رقم: 75813، وهذا الفعل داخل في معنى الزور؛ قال ابن حجر: "وضابط الزور: وصف الشيء على خلاف ما هو به، وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة فيختص بها، وقد يضاف إلى الفعل، ومنه: لابس ثوبي زور، ومنه تسمية الشعر الموصول زورا." اهـ. لكنه ليس من شهادة الزور، فالتوقيع نيابة عن الموظف ليس بشهادة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني