الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعليق على خاطرة (حدود التعلق بالأسباب) من كتاب صيد الخاطر

السؤال

ما رأيكم في كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي؟ وما رأيكم في خاطرة الأسباب والمسببات، وهي: أن الله يعاقب أولياءه، والعارفين به، إذا مالت قلوبهم إلى الأسباب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكتاب صيد الخاطر -في الجملة- من الكتب الجيدة في باب السلوك، وتزكية النفس. وأما بخصوص الخاطرة فلعلك تقصد خاطرة: (حدود التعلق بالأسباب)، فهي التي اشتملت على الكلام المشار إليه في السؤال.

والشيخ -رحمه الله- لا ينكر الأخذ بالأسباب، بل يرى أن الأسباب طريق، ولا بد من سلوكها، كما صرح بذلك، وإنما أنكر تعلق القلب بالأسباب ومساكنتها. وهذا حق؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل؛ فإن العبد متى التفت إلى غير الله، أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه، فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة. ومن هاهنا ظن من ظن أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب، وهذا حق، لكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح، فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب، وتعلق الجوارح بها، فيكون منقطعا منها متصلا بها." مدارج السالكين. وانظر الفتويين 175819، 216799.
ولما كان الأولياء المقربون لهم من المنزلة عند ربهم ما ليس لغيرهم، فقد تولى الله -عز وجل- حفظ قلوبهم؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "والمقصود أن الرب سبحانه حال بين هؤلاء الضنائن وبين التعلق بالخلق، وصرف قلوبهم، وهممهم، وعزائمهم إليه." مدارج السالكين.
وعلى هذا؛ فما ذكره الشيخ -رحمه الله- من غيرة الله على قلوب عباده العارفين، وأنه ربما يحصل لهم نوع عقاب، إذا حصل منهم التفات عن كمال التوكل عليه، ليعودوا إليه، كل ذلك له وجه من حيث الجملة. أما بخصوص ما ذكره من أمثلة فقد ينازع في بعضها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني