الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب طاعة الأم في تشقير الحواجب ولبس القصير أمام النساء

السؤال

أولًا: أشكر جهودكم في هذا الموقع، وأتمنى أن تستطيعوا إفادتي.
مشكلتي باختصار هي مع الوالدة -الله يهديها ويحفظها- أنا كغيري من البنات أحاول أن تكون حسناتي أكثر من سيئاتي، وحتى في أبسط الأمور، لكن عائقي الوحيد هي الوالدة، يعني: هي ربتني أحسن تربية، لكن في بعض الأمور مثل: لبس القصير، للعلم أنا لا أحب لبس أي ملابس قصيرة، لكن حتى لو لبست فمن المستحيل أن أظهر أمام الرجال، فقط أمام خالاتي وبناتهن، وأيضًا أنا لا أرتاح بلبس القصير، ماذا أفعل لإرضائها؟ لأنها تغضب، وتعتبر ذلك من العقوق إذا لم أنفذ كلامها، ومثل: موضوع تشقير الحواجب، أنا لا أحب أن يمسك أحد حاجبي، لكن هي في بعض الأحيان تعملها لي رغمًا عني، أنا عمومًا كل شيء رغمًا عني معها.
والله إني حاولت بكل شيء حتى أكسب رضاها، ولكن هي تعصب، وتغضب من أقل شيء، وتقارنني دائمًا بالبنات من صغري إلى الآن، والله لدرجة أني صرت أكرهها، وأعصب عليها، لكن أتعوذ من الشيطان، وأحاول أن أسايرها.
السؤال باختصار: كيف أبتعد عن أخذ هذه الآثام، كلبس القصير، والتشقير، دون إغضابها؟ والله يعلم أني لا أريدها، فقط لنيل رضاها، وكيف أتعامل معها إذا لم يكن هناك أي حل؟
وشكرًا مقدمًا، ويعطيكم الله العافية على المجهود.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن حقّ الأم على ولدها عظيم، وبرّها وطاعتها في المعروف من أوجب الواجبات، ومن أعظم القربات، لكنّ طاعة الوالدين لا تكون في معصية، ولا فيما يضر الولد، وانظري حدود طاعة الوالدين في الفتوى رقم: 76303.
واعلمي أن تشقير الحواجب ليس محرماً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 120591، ولبس الملابس القصيرة أمام النساء جائز إذا كانت الملابس تستر ما بين السرة إلى الركبة، وراجعي الفتوى رقم: 37986.
وعليه؛ فبإمكانك طاعة أمّك دون الوقوع في الإثم، وعلى أية حال؛ فإن عليك برّها، والإحسان إليها، ولا يجوز لك الإساءة إليها بقول أو فعل، بل الواجب عليك مخاطبتها بالأدب, والرفق, والتواضع, والتوقير، ولا يجوز لك زجرها, وإغلاظ القول لها، قال تعالى: " .. فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " {الإسراء:24،23}.
قال القرطبي: "(وقل لهما قولا كريما) أي: لينا لطيفا، مثل: يا أبتاه، ويا أمّاه، من غير أن يسميهما ويكنيهما. قال عطاء، وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما، ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ ." الجامع لأحكام القرآن - (10 / 243).
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني