الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من كان يبيع الفضة إلى أجل جاهلا بالحكم

السؤال

اثنان من المسلمين باع أحدهما للآخر بعض الفضيات (خواتم، وما شابه)، واتفقا على أنه كلما باع الثاني شيئًا من البضاعة يدفع له ثمنها المتفق عليه مسبقًا حسب سعر الجرام، وكانا في بلد غير مسلم, وأحيانًا كان يتم دفع بعض المبيعات مرة واحدة إيداعًا في البنك, هكذا كان يتم الأمر. فما الحكم؟ وفي حالة عدم الجواز، ماذا عليهما أن يفعلا الآن؟ علمًا بأن الموضوع مر عليه سنوات، ولا سبيل لمعرفة حجم المبيعات، أو وزنها، وعلمًا بأنهما كانا يعتقدا الحِل فيما فعلاه.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن بيع الفضة والذهب إن كان بنقد فلا بد فيه من التقابض في مجلس العقد، ولا يجوز التأجيل، لأن العملات بمنزلة الذهب والفضة، يشترط فيها القبض، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 100033، وأما إن كان بيع الذهب والفضة بغير نقد - كأن تباع الفضة بسيارات، أو أجهزة، أو غيرها من السلع - فيجوز التأجيل، ولا يجب التقابض.

وإن كان قد مضى منكما بيع الفضة بعملة دون قبض دون علم بالتحريم، فلا يلزمكما شيء -إن شاء الله-، ولا يجب عليكما رد ذلك البيع، لمكان الجهل منكما بالتحريم؛ قال ابن تيمية: وكما أن الإسلام يجُبُّ ما كان قبله، فالتوبة تجُبُّ ما كان قبلها، لا سيما توبة المعذور الذي بلغه النص، أو فهمه بعد إن لم يكن تمكن من سمعه وفهمه، وهذا ظاهر جدًا إلى الغاية. وكذلك ما فعله من العقود والقبوض التي لم يبلغه تحريمها لجهل يعذر به، أو تأويل. فعلى أحد القولين حكمه فيها هذا الحكم وأولى. فإذا عامل معاملة يعتقد جوازها بتأويل: من ربا، أو ميسر، أو ثمن خمر، أو نكاح فاسد، أو غير ذلك، ثم تبين له الحق وتاب، أو تحاكم إلينا، أو استفتانا، فإنه يقر على ما قبضه بهذه العقود، ويقر على النكاح الذي مضى مفسده، مثل أن يكون قد تزوج بلا ولي، أو بلا شهود، معتقدا جواز ذلك، أو نكح الخامسة في عدة الرابعة، أو نكاح تحليل مختلف فيه، أو غير ذلك، فإنه وإن تبين له فيما بعد فساد النكاح، فإنه يقر عليه. أما إذا كان نكح باجتهاد، وتبين له الفساد باجتهاد، فهذا مبني على أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، لا في الحكم، ولا في الفتيا أيضًا، فهذا مأخذ آخر. وإنما الغرض هنا: أنه لو تيقن التحريم بالنص القاطع، كتيقن من كان كافرا صحة الإسلام، فإنا نقره على ما مضى من عقد النكاح، ومن المقبوض في العقد الفاسد، إذا لم يكن المفسد قائما. كما يقر الكفار بعد الإسلام على مناكحتهم التي كانت محرمة في الإسلام وأولى. فإن فعل الواجبات وترك المحرمات باب واحد.اهـ. من مجموع الفتاوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني