الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل بصناعة اسطامبات تستخدم لإنتاج اسطوانات بعضها يحوي محرمات

السؤال

أنا شاب مصري أعمل كيميائيًا في أحد المصانع التي تقوم بصناعة اسطامبات تستخدم فيما بعد لإنتاج وطباعة الاسطوانات المدمجة، والمشكلة تكمن في أن هذه الاسطوانات ربما تحتوي على بعض المحرمات؛ كالأغاني، والأفلام، وصوتيات، ومرئيات للكنيسة، أو مباحات؛ كالألعاب، أو البرامج، أو إيجابيات؛ كالاسطوانات التعليمية، والإسلاميات؛ كاسطوانات القرآن، والأناشيد، وغيرها، وغالبًا ما تكون نسبة المحرمات هي النسبة القليلة، والتي لا تتعدى نسبة 20%، لأن الألعاب والبرامج تتصدر نسبة الإنتاج. ويتلخص دوري في العمل: بعمل دعامة معدنية للمادة المراد طباعتها عن طريق تقنية تسمى: الترسيب بالكهرباء، دون التدخل في المادة المراد نسخها أو طباعتها.
والسؤال: هل عملي حلال أم حرام؟ وأنا في هذا العمل منذ أكثر من عام، فما حكم ما مضى؟ وإذا تبين لي حرمته هل عليّ تركه فورًا أم البقاء حتى إيجاد البديل المناسب؟ علمًا بأني متزوج، ورب أسرة، وقد نصحني بعض الإخوة بإخراج قيمة الـ 20% من الراتب كصدقة، فما الحكم في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المصنع يقوم على عمل الاسطمبات فقط، ولا علاقة له بعمل الاسطوانات، فلا حرج عليك في هذا العمل، وعليك نصح القائمين عليه ألا يبيعوا الاسطمبات لمن يستعملها في إنتاج اسطوانات تشتمل على الحرام.

وإن كان المصنع يقوم بعمل الاسطوانات المشتملة على المحرم، فلا يجوز لك إعانته، ولو كانت هذه الإعانة بعمل تلك الدعامة المعدنية؛ لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله -عز وجل-: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}. فإن رضي أصحاب المصنع أن تبقى في عملك، ويكون عملك مقتصرًا على الاسطوانات الجائزة، فذاك، وإلَّا فابحث عن عمل آخر، وكن على يقين بأن الأرزاق مقسومة، قد كتبها الله -عز وجل- قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما صح بذلك الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما عليك إلَّا أن تأخذ بالأسباب المباحة، وقد قال الله عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:3،2}، والمال الذي أخذته على عملك في الاسطوانات المحرمة قبل العلم بالتحريم، لا بأس به عند طائفة من أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 226111.

ولا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل المشتمل على محرم، إلا إذا كان تركك له سيؤدي إلى ضياعك، وضياع من تعول، فيجوز لك البقاء فيه مع البحث عن عمل خالٍ من المحرمات، والحاجة تقدر بقدرها، وعليك تجنب تلك المحرمات ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، وإذا وجدت العمل البديل براتب يكفي للأشياء الضرورية، فإنه يجب عليك ترك هذا العمل فورًا.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 102756، 104760.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني