الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التزوير في أوراق التأمين لأخذ التعويض

السؤال

حدث من ابني حادث مروري، والسيارة عليها تأمين، ومن شروط التأمين: أن يكون عمر السائق أكبر من 18 سنة، فهل يجوز أن أكتب أني كنت أنا السائق حتى أحصل على تعويض من التأمين؟ علمًا بأن التأمين هو تجاري إلزامي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبداية ننبه الأخ السائل على عدة أمور:
ـ الأول: أن المجامع الفقهية مجمعة على حرمة التأمين التجاري بأنواعه، فإن كان إلزاميًا في معاملة يحتاج إليها المسلم فلا حرج عليه، وراجع في تفصيل ذلك ما أحيل عليه في الفتوى رقم: 140219.
ـ الثاني: أن الأصل في قيادة السيارة دون التأهل لذلك، وتوفّر شروط الحصول على الرخصة اللازمة من الجهات المختصة -لا يجوز. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19241.
ـ الثالث: أن الالتزام بالقوانين التي لا تخالف الشرع، ولا سيما التي يظهر ما فيها من مراعاة المصالح العامة ـ ومنها قوانين المرور ـ: أمر لازم لا تجوز مخالفته، وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 19490، 64402.
وأما ما سألت عنه: فجوابه: أن الغش والتزوير أمر محرم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني. وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 25244.
وقد ورد إلى اللجنة الدائمة سؤال فيه أصل معنى سؤال السائل، ولكن في التأمين الصحي، فأجابت بما يلي:
أولا: التأمين الصحي من التأمين التجاري، وهو محرم.

ثانيا : إعطاء بطاقة التأمين لشخص آخر لم يسجل ليتعالج بها: فيه تزوير وكذب، وهذا لا يجوز. اهـ. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 121842.

وما يمكن النظر فيه بعد هذا التأصيل يكون في حال ما إذا ثبت أن ابن السائل لم يخطئ في قيادته للسيارة، ولم يخالف قواعد السير، وإنما حدث الحادث بسبب خطأ محض من غيره، فهنا يجب شرعًا على الشخص المخطئ أن يضمن ما أتلفه، فإن كان النظام يحيل الضمان على شركة التأمين، لتتحمل هي تعويض المتضرر بقدر ضرره، ولم يستطع السائل أن يحصل على حقه هذا إلا بادعاء أنه كان السائق للسيارة، فلا حرج عليه في ذلك بشرط أن لا يأخذ شيئًا فوق ما يستحقه، وذلك بناء على ترخيص بعض أهل العلم في الكذب إذا تعين سبيلًا للحصول على الحق، ولم يترتب عليه ضرر بالغير، قال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: "ومنها: جواز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره، إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجاج بن علاط على المسلمين حتى أخذ ماله من مكة من غير مضرة لحقت المسلمين من ذلك الكذب". انتهى. وإن الأفضل التزام الصدق، فهو منجاة، أو استعمال المعاريض، قال الإمام البخاري في صحيحه: باب المعاريض مندوحة عن الكذب. وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 25629 .

وأما إن كان الابن هو المخطئ فلا يجوز ادعاء الأب أنه السائق، ليتحمل التأمين تعويض المتضرر؛ لأن التأمين إنما يتحمل ذلك وفق شروط لم تتحقق .
هذا؛ وننبه إلى أن الجهة المختصة بالتحقيق في الحوادث هي من يعتمد قولها في تحديد المخطئ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني