الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب البلاء، وأدعية كشفه

السؤال

هل من الممكن أن يكون البلاء غضبا وعقابا من الله ؟ وهل من الممكن رفع البلاء بالدعاء والتقرب من الله وما هي الأدعية والعبادات التي من الممكن التقرب بها إلى الله ورفع البلاء إن أمكن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الله تعالى يبتلي عباده بما شاء من أنواع البلاء قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].
وقال: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155].
وعلى المؤمن أن يصبر على قضاء الله ولا يسخط، فما من عبد يبتلى ببلوى أو مصيبة فيصبر عليها إلا كان ذلك خيراً له.
والبلاء تارة يكون:
1- لتكفير الخطايا، ومحو السيئات: كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه مسلم.
2- وتارة يكون لرفع الدرجات، وزيادة الحسنات.. كما هو الحال في ابتلاء الله لأنبيائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه البخاري. وقال العلماء: يبتلى الأنبياء لتضاعف أجورهم، وتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم ويقتدى بهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً.
3- وتارة يقع البلاء لتمحيص المؤمنين، وتمييزهم عن المنافقين، قال الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3]، فيبتلي الله عباده ليتميز المؤمنون الصادقون عن غيرهم، وليعرف الصابرون على البلاء من غير الصابرين.
4- وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وحسنه السيوطي.
ورفع البلاء يكون باللجوء إلى الله والتضرع إليه ودعائه، كما هو مبين في الفتوى رقم:
20967، وكذلك يكون بالتوبة الصادقة، فما نزلت عقوبة إلا بذنب ولا رفعت إلا بتوبة، والإكثار من فعل القربات والطاعات وذكر الله ومن ذلك قول: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" وقول: "حسبي الله ونعم الوكيل" ففي سنن أبي دواد عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال: المقضي عليه لما أدبر حسبي الله ونعم والوكيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.
وقول: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواه ابن السني، وصححه ابن حجر، وقول "رب أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" وغيرها من أدعية كشف البلاء والكرب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني