الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مفهوم حديث: إذا سَجَد أحدُكم فلا يَبْرُك كما يبرك البعيرُ

السؤال

أفتيتموني بأن مخالفة البعير تكون بتقديم الركبتين؛ لأنه يقدم مقدمته (يديه) لكن ألا يخالف هذا الفهم ما قاله أهل اللغة من أن ركبة البعير في يده، وكذلك قولهم إن البروك لا يكون إلا على الركب لا اليد أو غير الركبة.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المسألة ـ نعني مسألة استقبال الأرض عند الهوي إلى السجود ـ من مسائل الخلاف المشهورة، والعلماء متفقون على صحة الصلاة سواء استقبل المصلي الأرض بيديه أو ركبتيه، وراجع للفائدة فتوانا رقم: 120022، ومن قال من العلماء إن مخالفة البعير تحصل بتقديم الركبتين أولًا، أجاب عما أوردته من كون ركبتي البعير في يديه بما ذكره العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع وعبارته: حديث أبي هريرة، وهو قوله عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «إذا سَجَد أحدُكم فلا يَبْرُك كما يبرك البعيرُ» فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يَبْرُكَ الرَّجلُ كما يَبْرُك البعيرُ، والبعيرُ إذا بَرَكَ يُقدِّم يديه، فيقدِّم مقدمه على مؤخره كما هو مشاهد، وقد ظَنَّ بعضُ أهل العِلم أن معنى قوله: «فلا يبرك كما يبرك البعير» يعني: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، وأنه نهى أن يبركَ الإِنسانُ على رُكبتيه، وعلى هذا؛ فيقدِّم يديه، ولكن بين اللفظين فَرْقاً واضحاً، فإنَّ النهيَ في قوله: «كما يبرك» نهيٌ عن الكيفية؛ لأن الكاف للتشبيه، ولو كان اللفظ: «فلا يبرك على ما يبرك» لكان نهياً على ما يسجد عليه، وعلى هذا؛ فلا يسجد على رُكبتيه؛ لأن البعير يبرك على ركبتيه، وعلى هذا فيقدِّم يديه. انتهى.

وحاصله أن الحديث لا تعلق له باسم العضو الذي يبرك عليه البعير حتى يكون نهيا عن استقبال الأرض بالركبتين، ولكنه نهي عن كيفية تشبه كيفية بروك البعير، وهذا يحصل بأن يقدم الشخص ركبتيه على يديه لأن البعير يقدم مقدمه على مؤخره فمخالفته في الهيئة تكون بما ذكر.

وعلى كل حال فالأمر واسع والمسألة سهلة والخلاف فيها قريب، ومن ترجح له قول فليعمل به؛ وإلا فليقلد من يثق به من أهل العلم، وهو على خير إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني