الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من اشترى أرضا للورثة بغرض صيانة ميراثهم

السؤال

صديقي يسأل: كان صديقي يعيش مع زوجته وصهره في بيت صهره في بلجيكا، ولما توفي صهره ببضعة أشهر حصلت ابنته ـ أي زوجة صديقي ـ على مبلغ من المال في رصيدها على أنه ميراث أبيها، وبما أن لديها أختين (15 و- 25 عاما) وأخ (8 سنوات) فقد قررنا التريث بعض الوقت قبل تقسيم الميراث؛ نظرا لصغر سن أخيها، وعدم نضج الأخت الصغرى، وسوء تصرف مطلقة الهالك (أم غير مسؤولة)، فقمت بشراء أرض بهذا المبلغ صيانة لهذا المال (كي لا أنفقه)، الآن أريد أن أضع عن عاتقي هذه الأمانة فأصبحت أدخر المال لإرجاعه وعدم بيع الأرض:
هل يجب علي بيع الأرض فوراً أو المضي في الادخار؟.
هل يجب علي زكاة هذه الأرض أو المبلغ الأولي؟.
كيفية حساب نصيب كل واحد: (هلك عن مطلقة و-3 بنات وولد)؟.
هل مع صغر سن الابن أعطيه نصيبه؟.
هل أثمت بتصرفي هذا؟
باراك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمال الذي استلمته البنت إذا كان تركة للميت فإنه يقسم بين الورثة القسمة الشرعية، وإذا كان في الورثة من هو صغير في السن فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 28545، من يتولى إدارة أمواله، ومن كان من الورثة بالغا دُفع إليه نصيبه، ولا يحق لأحد أن يتولى الوصاية عليه أو يحجر على ماله بحجة أنه لا يحسن التصرف، والحجر على البالغ لا يكون إلا من القضاء الشرعي، ولا ندري بأي صفة توليت أنت التصرف في هذا المال بشراء أرض أو غيرها، هل أنت وصي على الصغار من الورثة أم ولي عليهم تم تعيينك من المحكمة الشرعية، أو المركز الإسلامي في تلك البلاد إن كانت بلاد كفر؟

ومتى ظهر أنك لست وليا ولا وصيا فإنك تكون متعديا في تصرفك في المال بشراء الأرض، ويعرف هذا الشراء عند الفقهاء بشراء الفضولي، وقد بينا في الفتوى رقم: 51341، أنه يتوقف نفاذه على إذن ولي أو وصي الصغار وإذن الكبار، فإن أجازوا مضى البيع وصارت الأرض لهم، وإن لم يجيزوا لزمتك الأرض أي صارت ملكا لك، ولزمك دفع ثمنها لهم إن كنت اشتريتها بمالهم.
ولا زكاة على هذه الأرض سواء صارت لهم أم لك؛ لأنها لم تشتر بنية بيعها والربح فيها، فليست عروض تجارة.
والمطلقة لا نصيب لها في الميراث؛ لأنها ليست زوجة، إلا إذا طلقها في مرضه المخوف متهما بقصد حرمانها من الميراث.

وأما كيفية قسمة التركة؟ فاعلم أنه الورثة من الرجال خمسة عشر، ومن النساء عشرة، ولا بد من حصر الموجودين منهم عند وفاة المورث، ولكن إذا لم يترك الميت منهم إلا بناته الثلاث وابنه فإن تركته لهم تعصيبا؛ للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ...{النساء:11}، فتقسم التركة على خمسة أسهم: لكل بنت سهم، وللابن سهمان.
وأخيرا ننبهك أخي السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فالأحوط أن لا يُكتفى بهذا الجواب الذي ذكرناه، وأن ترفع المسألة للمحاكم الشرعية، أو يُشافه بها أحد أهل العلم بها حتى يتم التحقق من الورثة، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني