الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجه الجمع بين قوله تعالى (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا) وحديث ثوبان

السؤال

كيف أوفق بين الحديث الذي يقول إن معصية السر تمحو الحسنات ولو كانت كجبال تهامة، والآية التي تقول: (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا)؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث المشار إليه، من أهل العلم من ضعفه، فانظر الفتوى رقم: 100234، ومن صححوه اختلفوا في دلالته، هل المقصود معاصي السر؟، أم ما تضمنه من الاستخفاف والنفاق العملي، ـ وهو أظهر ـ ثم إن الآية الكريمة لم تُفِد أن الحسنة إذا تمَّت لم تضع بحال، وإنما ذكرت ذلك فيمن أحسن عملا، فلا إشكال أن يكون من أساء عمله ببعض الإساءة معرضا لحبوط العمل؛ جاء في تفسير السعدي: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} وإحسان العمل: أن يريد العبد العمل لوجه الله، متبعا في ذلك شرع الله، فهذا العمل لا يضيعه الله، ولا شيئا منه، بل يحفظه للعاملين، ويوفيهم من الأجر، بحسب عملهم وفضله وإحسانه. انتهى.

فإذا لم يحسن العبد العمل، بأن كان عمله لغير وجه الله، أو لم يتبع فيه شرع الله، لم تتناوله الآية، ولذا كان الشرك والرياء محبطين للعمل الصالح، وكذلك الحال المذكور في الحديث (النفاق، والاستخفاف بالله، وتعظيم جاه الخلق) تتنافى مع إحسان العمل، فلا إشكال في حبوط العمل بذلك.

قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في المحجة: بيان ما يصير هباء منثورًا من الأعمال: النوع السابع: وقد يكون له سيئات تحبط بعض أعماله وأعمال جوارحه سوى التوحيد فيدخل النار.
وفي سنن ابن ماجه من رواية ثوبان مرفوعًا: إنَّ مِنْ أمتي من يجيء بأعمال أمثال الجبال فيجعلها الله هباءً منثورًا...

وقد أجبنا عما يبدو من إشكال في هذا الحديث بالفتاوى التالية أرقامها: 9268، 131294، 202408.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني