الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يتقدم لخطبة فتاة مع قلة راتبه وعلوها عليه في المستوى التعليمي؟

السؤال

أنا شاب من سوريا في التاسعة عشر من عمري، وتوقفت عن الدراسة لأسباب أمنية، وأنا أعمل في مقهى إنترنت، وخرج هذا المقهى قليل، وأنا أعاني من العادة السرية والنظر إلى الصور الإباحية، مع أني ملتزم، أصلي وأحيانا أصوم النوافل، وأحفظ من القرآن الكريم شيئا وأدرسه، وحياتنا المادية في المنزل جيدة ـ ولله الحمد ـ ولدي صديق أكبر مني بأربع سنوات أخدمه كما أخدم أخي، وله أخ أدرسه القرآن وأدرسه دروسا خاصة للمدرسة طبعاً؛ لأني أعتبر أنه أخي، وأمشي معه، مع أني أكبر منه بأربع سنوات، وتعجبني تربيته، وله أخت وأنا أفكر أن أتزوجها، ولكني محرج من أني ليس لي دخل يعيشني، وأني أخاف أن يعتقد أني كنت أخدمه من أجل هذا السبب؛ لأني أخدمه بكل شيء طبعاً لا أمتن عليه، أو يعتقد الناس أني أمشي مع أخيه الصغير من أجل هذا السبب، وهي أكبر مني بسنة، وسألت والدتي فقالت: هل تقبل أنها تترك الدراسة من أجل الزواج؟ فقلت: لا أدري، وقالت لي: هل من الممكن أن تقبل بك؟ ولا أعلم كيف أعلم أنها يمكن أن تترك الدراسة أم لا؟ أو أنها تقبل بي أم لا؟ مع العلم أنها تدرس صيدلة وأنا تركت الدراسة. فأفتوني هل أطلبها أم لا؟. وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك أولا على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الإخلاص في القول والعمل، وأن يستعملنا في طاعته، وييسر لنا خدمة دينه ونشر دعوته، إن ربنا سميع مجيب.

وإن كانت هذه الفتاة ذات دين وخلق فمثلها قد حث الشرع على اختيارها زوجة، كما في حديث الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 59657.

وبخصوص حالك في الجانب المادي فقد لا يكون عائقا من التقدم لها، فلا يبعد أن ترتضي ووليها القليل، وتيسير أمر الزواج من أسباب بركته، ففي مسند أحمد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة. والدراسة ليست معوقا عن الزواج، فإن لم ترتض ترك الدراسة فلا ينبغي الإعراض عن الزواج منها لهذا السبب، فكثيرا ما تكمل المتزوجة دراستها، بل وترتقي عالي الدرجات في التعليم، فالأمر فيه هين.

وأما الأمور الأخرى من نحو ما ذكرت من تدريسك أحد إخوتها أو صحبتك للآخر، وخشيتك أن يكون هذا كله من أجل الزواج منها، فهذه هواجس لا تلتفت إليها.

وفي نهاية المطاف إذا خشيت أن لا تجاب إلى رغبتك في الزواج منها فابحث عن غيرها، وابحث كذلك عن مجال آخر للعمل غير هذا المقهى، بل لا يجوز لك الاستمرار في العمل فيه إن كان مشتملا على منكرات، ولا يبعد أن يكون وجودك فيه سبب هذا البلاء الذي أنت فيه، نعني ممارسة العادة السرية ومشاهدة الصور الإباحية، فإذا انضم إلى ذلك ضعف الراتب كان بلاء على بلاء. والله تعالى يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق3:2}، وفي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيرا منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني