الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته مرتين ثم قال: أنت علي محرمة مثل أخواتي، وعاشرها قبل لكفارة

السؤال

رجل عليه يمين ظهار وأرجع زوجته من دون التكفير عنه، وقمت بإخبار أهله وأهلها عن وجوب التكفير بصوم شهرين؛ لأنه قادر ومعافى ويستطيع الصوم، ولكنهم تركوا الوضع كما هو، وزوجته حامل منه، ولا ينوي التكفير عن يمينه، علما أنه سبق وطلقها مرتين قبل تحريمها بلفظ (أنت علي محرمة مثلك مثل أخواتي البنات) وسئل كثيرا عن نيته، وكتبها أيضا أنه فراق بلا رجعة، وكان يخبرني شخصيا أنه طلاق، وتقدم لي على أساس أنه طلقها، وأقسم كثيرا بالله، ولدي الأدلة كتابيا ثم أرجعها بعد ثمانية أشهر من تحريمها ظهارا من دون كفارة ولا اعتبار لكونه كان ينوي طلاقا وليس تحريما فقط، أنا بلغت أهله لأن أمه وأختيه يعلمن وسكتن، وأرسلت كل الأدلة لكبار عائلته وعائلتها وسكتوا أيضا، فما حكم سكوت الجميع على هذا الوضع بعد علمهم أن هذا الرجل يطأ هذه المرأة رافضا أي كفارة أو استشارة أي لجنة إفتاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقول الرجل لامرأته: " أنت علي محرمة مثلك مثل أخواتي البنات" ناوياً به الطلاق، مختلف في حكمه، هل هو ظهار أو طلاق؟.
قال ابن قدامة الحنبلي ـ رحمه الله ـ: وإن قال: أنت علي كظهر أمي حرام، فهو صريح في الظهار، لا ينصرف إلى غيره، سواء نوى الطلاق أو لم ينوه، وليس فيه اختلاف بحمد الله؛ ... وإن قال: أنت علي حرام كظهر أمي. أو: كأمي. فكذلك. وبه قال أبو حنيفة، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الثاني، إذا نوى الطلاق فهو طلاق. المغني لابن قدامة (8/ 9)
فعلى القول بأنّه ظهار فقد كان الواجب عليه أن يكفّر كفارة الظهار قبل أن يعود إلى معاشرتها، وإذا كان عاشرها قبل الكفارة فعليه التوبة إلى الله وعليه الكفارة قبل أن يجامعها، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: فإن وطئ عصى ربه لمخالفة أمره، وتستقر الكفارة في ذمته، فلا تسقط بعد ذلك بموت، ولا طلاق، ولا غيره، وتحريم زوجته عليه باق بحاله، حتى يكفر. هذا قول أكثر أهل العلم." المغني لابن قدامة (8/ 41)
وأما على القول بوقوع الطلاق بهذه العبارة وكان قد سبق أن طلقها مرتين فقد بانت منه بينونة كبرى، وما دمت قد أبلغت أهله وأهل امرأته بالأمر، فالواجب عليهم أن يكلموه في ذلك ويعرضوا المسألة على أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم، وإذا تبين أنّ امرأته قد بانت منه بينونة كبرى ولم يفارقها فعليهم رفع الأمر إلى الحاكم، قال الخرشي المالكي ـ رحمه الله ـ: في شرحه لمختصر خليل (وفي محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان إن استديم تحريمه كعتق وطلاق ووقف ورضاع)، يعني أن الحق إذا تمحض لله تعالى, وكان مما يستدام تحريمه فإنه يجب على الشاهد المبادرة بالشهادة إلى الحاكم بحسب الإمكان، كمن علم بعتق عبد, وسيده يستخدمه ويدعي الملكية فيه, وكذلك الأمة، أو علم بطلاق امرأة ومطلقها يعاشرها في الحرام... " شرح مختصر خليل - (7 / 187)
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني