الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقع الطلاق بالكناية من غير نية

السؤال

فقد علمنا من خلال البحث في موقعكم أنّ الطّلاق بألفاظ الكناية لا يقع إلّا إن نوى الزّوج بهذه الألفاظ إيقاع الطّلاق وحلّ العصمة, وأنّه لا يقع بمجرّد إرادة اللّفظ أو إرادة معنى الطّلاق، فهل ينطبق هذا الحكم على جميع كنايات الطّلاق سواءٌ كانت ظاهرة أو خفيّة؟ فإنَّ من يقول لزوجته: أنتِ بائن أو اعْتدِّي قد لا يعلم لهذه الألفاظ معنىً آخر غير معنى الطّلاق، فإن كان هذا المعنى حاضراً عند إطلاق اللّفظ ولم ينوِ الزّوج إيقاع الطّلاق أو حلّ العصمة بهذا اللّفظ، أو لربّما كان الزّوج جاهلا بطلاق الكناية، فهل يقع الطّلاق؟
نفع اللّه بكم و بعلمكم, وجزاكم اللّه خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجمهور على أنّ الطلاق لا يقع بالكناية ـ ولو كانت ظاهرة ـ من غير نية، قال ابن هبيرة ـ رحمه الله ـ: وَاخْتلفُوا فِي الْكِنَايَات الظَّاهِرَة وَهِي خلية، وبرية، وبائن، وبتة، وبتلة، وحبلك على غاربك، وَأَنت حرَّة وَأَنت الخرج، وأمرك بِيَدِك، واعتدي، والحقي بأهلك، هَل تفْتَقر إِلَى نِيَّة أَو دلَالَة حَال؟ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد وَالشَّافِعِيّ: يفْتَقر إِلَى نِيَّة أَو دلَالَة حَال." اختلاف الأئمة العلماء (2/ 169)
وقال الرحيباني الحنبلي ـ رحمه الله ـ: وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ، وَلَوْ ظَاهِرَةً طَلَاقٌ لِقُصُورِ رُتْبَتِهَا عَنْ الصَّرِيحِ، فَوَقَفَ عَمَلُهَا عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ تَقْوِيَةً لَهَا لِتَلْحَقَهُ فِي الْعَمَلِ، وَلِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ؛ فَلَا تَتَعَيَّنُ لَهُ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارَنَةٍ لِلَّفْظِ أَيْ: لِلَّفْظِ الْكِنَايَة. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (5/ 349)
وعليه فمن قال لزوجته : أنت بائن أو اعتدي من غير نية إيقاع الطلاق لم يقع طلاقه ولو كان لا يعرف لهذه الكلمات معنى غير الطلاق، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي ـ رحمه الله ـ: وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائنٌ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ اشْتُرِطَ نِيَّةُ أَصْلِ الطَّلَاقِ، وَإِيقَاعِهِ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ. تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (8/ 41)، وقال الدمياطي الشافعي ـ رحمه الله ـ: وإما كناية وهي كل لفظ احتمل ظاهره غير الطلاق، ولا تنحصر ألفاظها. وحكمها أنها تحتاج إلى نية إيقاع الطلاق بها. إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين (4/ 11)

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني