الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأولياء في النكاح ترتيبهم والشروط الواجب توفرها في الولي

السؤال

من يكون ولي هذه الفتاة عند زواجها؟ وماذا لو توفاها الله وهى على خصومة مع كل من آذوها وجاروا عليها فى التوضيح الآتي؟.
فتاة تبلغ من العمر خمسا وعشرين سنة، والدها توفاه الله، وكذلك جدها وأخوالها، ولها أخوان أحدهما مريض نفسيا بانفصام ذهني واضطراب وجداني، والأخ الآخر غير مصل وسباب لدين الله، يحتال ويسرق في مجال عمله، وفعل ذلك مع أخته كثيرا، ويرفض توزيع الميراث، وحاولت معه ووسطت بعض الناس لكن دون جدوى، حتى أعمامها هددوها بالقتل إن رفعت قضية لأخذ حقها وسبوها وشتموها، وعندما أرادت الفتاة الانتفاع بجزء من حقها في الميراث في البيت قام هذا الأخ غير المريض بتكسير مقتنياتها وقام بالاعتداء عليها بوحشية، وجعل زوجته تشتمها بأقذر الألفاظ وتتهجم على شقتها بالسكين وأداة حادة وتكسير بعض الأشياء.
وذهب هذا الأخ يتفق مع أخي زوجته بتلفيق تهمة لأخته والزج بها في السجن.
وعندما استنجدت بأعمامها تجاهلوها وما سألوا عنها، وهذا كان حالهم لا يسألون ولا حتى بالمناسبات، وبتكرار تعرض الفتاة لما سبق ذهبت تحرر محضرا لعدم وجود من يدافع عنها وخوفها الشديد، خاصة وأن أخاها مريض ضعيف جدا لا حول له ولا قوة، ولكن دون جدوى من الشرطة، فلجأت مرة أخرى لأعمامها فقيل لها: ألم تعملي محضرا، اشربي ما بقى، وتركوها للأذى والاعتداءات.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد عظم الله تعالى من شأن الرحم، فأمر بصلتها، وحذر من قطيعتها، ورتب على القطيعة الوعيد الشديد، وانظري الفتوى رقم: 145359. فالرحم أهم من أن تترك عرضة لمتاع حياة الدنيا الزائل، والتنافس فيها، قال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {الحديد:20}، فهذه هي الدنيا في حقارتها، وتلك هي الرحم في فضلها وعلو مكانتها، فهل يغتر بالحياة عاقل.

وإن كان حال هذا الأخ وهؤلاء الأعمام مع هذه الفتاة ما ذكر، فلا شك في أنهم قد أساءوا إساءة بالغة بظلمهم لها واعتدائهم عليها، نسأل الله أن يهديهم ويرزقهم رشدهم وصوابهم، ونوصي بالدعاء لهم، والبحث عن عقلاء من الناس ينصحونهم ويذكرونهم بالله وأليم عقابه، وسوء عاقبة الظلم.

وبالنسبة لولاية نكاحها، فقد ذكر أهل العلم شروطا لولي النكاح بيناها في الفتوى رقم: 105204، فمن اختل فيه شرط منها انتقلت الولاية إلى من بعده حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وهو مبين في الفتوى رقم: 63279. فأخوها المختل عقليا لا يصلح وليا، وكذلك أخوها الأكبر، فسب الدين كفر، ولا ولاية للكافر على المسلمة، وتراجع الفتوى رقم: 47738، فإن كان لها من بني إخوتها من هو مستوف لشروط الولاية تولى نكاحها، وإلا انتقلت إلى أحد أعمامها، هذا مع العلم بأن العدالة ليست شرطا في ولاية النكاح على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم: 43004.

وبخصوص الظلم والأذى الذي حصل لها، فإن لم تعف في هذه الدنيا عمن ظلمها فإن الله تعالى يقتص لها يوم القيامة، ولو أنها عفت عنهم كان أعظم لأجرها، وأرفع في درجاتها كما بينا في الفتوى رقم: 27841، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 257425.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني