الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة صاحب السلس إذا تعمد إخراج الريح

السؤال

أنا مصابة بالسلس، وأعلم أن السلس يكون بخروج الريح بصوت أو بغير صوت بغير إرادة من الشخص، فهل هذا يعني: أنه إن خرج ريح بإرادة من الشخص أثناء الصلاة فإنها تبطل؟ لأن بعضها يأتي في الصلاة يكون بإرادة، وبعضها بغير إرادة، خاصة وإنني مصابة بالقولون، ويشق علي أن أحبس الريح، وكذلك لا أخشع في الصلاة إذا خرج الريح؛ ففي كل مرة أسأل نفسي: هل سيخرج بإرادتي أم لا؟ وكذلك الأمر بالنسبة للرائحة؛ لأن بعضها يكون برائحة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي البداية: نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعاني منه, ثم ننبهك على أن صاحب السلس إذا تعمد إخراج الحدث ريحًا أو غيره من النواقض، بطلت صلاته؛ جاء في حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني المالكي: وهذه الأقسام محلها ما لم يتعمد صاحب السلس خروج البول أو المذي -مثلًا-، فإن تعمد بأن لاعب زوجته، فأمذى، فعليه الوضوء. قاله ابن الحاجب. انتهى.

وبناء على ذلك؛ فإذا أمكنك حبس الريح أثناء الصلاة, ثم خرجتْ عمدًا, فصلاتك باطلة, أما إذا كان الأمر بغير إرادتك، فالصلاة صحيحة.

والصلاة مع حبس الريح صحيحة, لكن يكره للمسلم أداء الصلاة مع وجود ما يقتضي انشغاله عن صلاته, وقطع خشوعه، كحبس الريح، ومدافعة الأخبثين، وقد سبق بيان ذلك مفصلًا في الفتوى رقم: 18415.
ثم إن التحقق من خروج الريح عمدًا أو لغير المصاب بالسلس -ولو بدون رائحة-، مبطل للصلاة؛ ففي صحيح مسلم: شُكِىَ إلى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الرَّجُلُ، يُخَيَّلُ إِليْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيءَ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا". قال السيوطي في شرحه على صحيح مسلم: حَتَّى يعلم وجود أَحدهمَا، وَلَا يشْتَرط السماع والشم بِإِجْمَاع الْمُسلمين. انتهى.

وفي إكمال المعلم للقاضي عياض: ومعنى السماع هنا، ووجودُ الريح: التحقيق، وقد يكون الرجلُ ممن لا يسمع ولا يشم؛ لآفةٍ أو مرضٍ بِه، أو لضعف الخارج مع التحقيق له عن شمِّ الرائحة، وسماع الصوت. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني