الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفويض في الطلاق بين الصريح والكناية

السؤال

لقد قرأت ما يلي في الإنترنت:
جاء في "الفتاوى الهندية" (1/402):
"امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: تُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي؟ فَقَالَ الزَّوْجُ : نَعَمْ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: طَلَّقْت،
إنْ كَانَ الزَّوْجُ نَوَى تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ إلَيْهَا: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، وَإِنْ عَنَى بِذَلِكَ: طَلِّقِي نَفْسَك إنْ اسْتَطَعْت لَا تَطْلُقُ." انتهى.
هل ذلك الكلام صحيح أم أن هذا الرأي خاطئ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الكلام صحيح، فإن الفقهاء متفقون على جواز تفويض الرجل الطلاق لامرأته، ويتم ذلك بألفاظ التفويض صريحة كانت أو كناية، فقد ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَقْسِيمِ أَلْفَاظِ التَّفْوِيضِ فِي الطَّلاَقِ إِلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، فَالصَّرِيحُ عِنْدَهُمْ مَا كَانَ بِلَفْظِ الطَّلاَقِ، كَطَلِّقِي نَفْسَكِ إِنْ شِئْتِ، وَالْكِنَايَةُ مَا كَانَ بِغَيْرِهِ كَاخْتَارِي نَفْسَكِ، وَأَمْرُكِ بِيَدِكِ... وَتَفْتَقِرُ أَلْفَاظُ التَّفْوِيضِ الْكِنَائِيَّةُ إِلَى النِّيَّةِ بِخِلاَفِ الصَّرِيحِ مِنْهَا. اهـ من الموسوعة الفقهية.
وقول الزوج "نعم" ـ بعد سؤال الزوجة "تريد أن أطلّق نفسي؟" ـ اعتبره الحنفية من كنايات التفويض وإن كان بلفظ الطلاق لاحتمال الإضمار وهو أن يقصد الزوج بقوله :"نعم" تعليق الطلاق على القدرة لا تفويض الطلاق، كما أوضحه النقل الوارد في السؤال عن الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي.

فإذا نوى الزوج بقوله :"نعم" تفويض الطلاق إليها، فطلقت الزوجة نفسها طلقت طلقة واحدة، وإن لم يقصد ذلك لم يقع الطلاق، ولذلك جاء في نفس المصدر بعد ضرب مثال آخر لكنايات التفويض بلفظ الطلاق: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ، إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ إلَيْها. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. انتهى.
ثم إنا ننبهك إلى أنّ هذه المسائل من موارد الاجتهاد فلا ينبغي القطع بصحة قول وخطأ آخر، لكن الواجب على المرء أن يعمل بما ترجح عنده إما بالنظر في الأدلة والعمل بأرجحها إن كان يقدر على ذلك، وإما بتقليد الأوثق في نفسه إن كان غير مؤهل للنظر في الأدلة، ولا يتهم أصحاب القول الآخر ما داموا مجتهدين، وانظر الفتوى رقم : 6787.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني