الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى وجوب طاعة الوالدين فيما يكرهه الولد

السؤال

هل تجب طاعة الوالدين في أمر مكروه بالنسبة للابن -مع بيان ذلك من الكتاب أو السنة-؟
فكل ما رأيت هي أقوال لأهل العلم في وجوب طاعة الوالدين, وإن كان في الأمر مشقة, طالما لم يكن هناك ضرر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا ضوابط طاعة الوالدين بالفتويين: 200815، 188989.

وفيهما: أن من شروط وجوب الطاعة: ألا يكون هناك ضرر أو مشقة، والمقصود بالمشقة: المشقة الزائدة عن العادة.

وأما المشقة المعتادة: فيجب معها الطاعة، كما بينا بالفتوى رقم: 178877.

وقد استدل الأئمة على ذلك بالعمومات المشتملة على وجوب بر الوالدين، وحالة الضرر مخصوصة من هذا العموم؛ لأن إزالة الضرر قاعدة كلية دل عليها الكتاب، والسنة.

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية والمنح المرعية نقلًا عن الإمام أحمد: ...أقول: واجب ما لم يكن معصية. ثم قال أبو عبد الله (أحمد بن حنبل): قال الله -تبارك وتعالى-: {فلا تقل لهما أف} [الإسراء: 23] وقال: {أن اشكر لي ولوالديك} [لقمان: 14] . قال الميموني قال: علي حديث ابن مسعود «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها، وبر الوالدين» ويقول في الجهاد: «الزمها فإن الجنة عند رجليها» ويقول: «ارجع فأضحكهما من حيث أبكيتهما» قلت: فيه تغليظ من كتاب وسنة؟ قال: نعم.

...قال الشيخ تقي الدين: ... مقتضى قوله أن يبر في جميع المباحات، فما أمراه ائتمر, وما نهياه انتهى، وهذا فيما كان منفعة لهما ولا ضرر عليه فيه ظاهر, مثل: ترك السفر, وترك المبيت عنهما ناحية. والذي ينتفعان به ولا يستضر هو بطاعتهما فيه قسمان: قسم يضرهما تركه؛ فهذا لا يستراب في وجوب طاعتهما فيه، بل عندنا هذا يجب للجار. وقسم ينتفعان به ولا يضره أيضا طاعتهما فيه على مقتضى كلامه، فأما ما كان يضره طاعتهما فيه, لم تجب طاعتهما فيه, لكن إن شق عليه ولم يضره وجب، وإنما لم يقيده أبو عبد الله, لأن فرائض الله من الطهارة, وأركان الصلاة, والصوم, تسقط بالضرر, فبر الوالدين لا يتعدى ذلك, وعلى هذا بنينا أمر التملك, فإنا جوزنا له أخذ ماله ما لم يضره، فأخذ منافعه كأخذ ماله، وهو معنى قوله: «أنت ومالك لأبيك» فلا يكون الولد بأكثر من العبد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني