الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في محل يباع فيه الدخان

السؤال

عمري 23 سنة, متخرج من كلية هندسة نفط. طلب مني خالي العمل معه في سوبر ماركت يملكه العام السابق، فوافقت على ذلك, ولكنه يبيع فيه السجائر، فعملت معه حوالي 5 أشهر, وطوال تلك الفترة كنت أتقاضى راتبا شهريا, وفي أحد الأيام سمعت كلاما فيه تحريم لبيع السجائر، فطلبت من خالي بطريقة أو بأخرى إعفائي من العمل معه, فوافق في وقتها, ولكنه بعد فترة طلب مني العودة, وقال لي: إنه في أمس الحاجة إليّ، فلم أستطع رد طلبه, ورجعت للعمل معه مرة أخرى, ولكني كنت أحسب الربح الذي يجنيه المحل من بيع الفراخ والبيض, وآخذ منه راتبي. وبعد شهرين توقفت عن العمل معه مرة أخرى. والآن يطالبني بالعمل معه من جديد, فهل أحسب راتبي الذي سوف أتقاضاه من أرباح البضائع الأخرى كالفراخ, والبيض, واللحوم, وغيرها, أم أرفض العمل معه؟ وهل راتب الخمسة أشهر الأولى حرام؟ علما بأن والدي متوفى, ولم أجد عملا في الشركات التي قدمت فيها شهادتي الجامعية, ولكن لدي أخوان وأخت أكبر مني سنا، ويقومون بالإنفاق على الأسرة. وأنا أحتاج لمثل هذا العمل، ولكن بصورة مؤقتة إلى أن أجد عملا غيره، فهذا العمل يوفر لي مصاريفي الخاصة، كملابس، وغيرها, وفي بعض الأحيان أساعد أسرتي من راتبي أو على الأقل أخفف عنهم قليلا من عبء الإنفاق عليّ.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تناول الدخان محرم شرعًا - كما فصلناه في الفتوى رقم: 1671 - ، وإذا تقررت حرمة تناول الدخان؛ فإن بيعه محرم كذلك، قال ابن عثيمين: لا يجوز للإنسان أن يبيع الدخان؛ لأن الدخان محرم، وإذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه، ولأن بيعه من باب التعاون على الإثم والعدوان. اهـ. من اللقاء الشهري.

وأما العمل في محل يباع فيه الدخان: فإن المفتى به عندنا: أن العمل في الجهات التي أصل نشاطها مباح, ويعرض في أنشطتها ما هو محرم، جائز إذا كان العامل لا يباشر المحرم، وليس في عمله إعانة عليه, وإلا حرم العمل فيها.

وعليه؛ فإن كنت لا تباشر بيع الدخان، فيجوز لك العمل في المحل، وأما إن كنت تباشر بيع الدخان, فلا يجوز لك العمل فيه. وانظر الفتوى رقم: 50027.

أما أخذ الراتب من جملة أموال المحل: فلا بأس به، فإنه يجوز معاملة صاحب المال المختلط فيه كما في الفتوى رقم: 6880.

وعليه؛ يتبين لك أنه لا يلزمك ما تفعله من حساب العائد من المباحات, وأخذ الراتب منه. وراجع للمزيد الفتوى رقم :104631.

وأما ما سبق من راتب عملك قبل علمك بتحريم بيع الدخان: فهو حلال لك -إن شاء الله- بكل حال، ما دمت جاهلًا بتحريم بيع الدخان، ولا يلزمك التخلص منه. وراجع الفتوى رقم: 137729.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني