الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البقاء في العمل في بيع الخمور إلى حين وجود فرصة لعمل آخر

السؤال

شخص بدأ العمل منذ ست سنوات في شركة لديها فروع كثيرة، فبدأ العمل في فرع لبيع العطور, وبعض أدوات التجميل لمدة عامين، ولكن بعد ذلك انتقل إلى فرع لبيع الخمور, وعمل به لمدة أربع سنوات، وحتى الآن، وتقدم بالكثير من طلبات النقل لأكثر من مسئول بتلك الشركة, ووعدوه بالنقل بعد فترة من الوقت أكثر من مرة, ولكن لا شيء حتى الآن.
فهو مستمر في العمل في انتظار النقل, وفي نفس الوقت يبحث عن عمل آخر للعمل به, حتى يترك تلك الوظيفة.
فما الحكم في ذلك؟ وماذا عليه أن يفعل؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالخمور لا يجوز العمل في بيعها, ولا نقلها, ولا غير ذلك مما يتصل بها؛ فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {المائدة: 90-91}. وعن أنس -رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له. رواه الترمذي, وابن ماجه.
ومن القواعد الشرعية: أنه يحرم الإعانة على المحرم بأي وجه، كما قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (المائدة: 2).
وعليه؛ فلا يجوز للشخص المذكور البقاء في هذا الفرع الذي يبيع الخمور, ويجب عليه تركه فورًا ما لم يكن مضطرًا للبقاء فيه، مثل: أن يكون إذا تركه لم يجد مطعما أو ملبسا أو مسكنا له, ولمن يعول، ولا يجد عملًا مباحًا يكسب منه نفقته, وليس لديه مال يسد ذلك. فإذا كان مضطرًا على هذا النحو، جاز له البقاء فيه إلى أن يجد عملًا آخر تندفع به الضرورة، والأصل في هذا: قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}.

وما اكتسبه من ذلك العمل المحرم وهو يعلم حرمته، فلا يجوز له الانتفاع به إلا أن يكون فقيرًا معدمًا فله الأخذ منه حينئذ بقدر حاجته؛ قال النووي نقلًا عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام, والتوبة منه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أول من يتصدق عليه. اهـ.

وقال في مغني المحتاج: (الفقير هو: من لا مال له, ولا كسب, يقع جميعهما أو مجموعهما موقعا من حاجته، والمراد بحاجته: ما يكفيه مطعما, وملبسا, ومسكنا, وغيرها مما لا بد له منه ..)

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني