الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوظيفة ودراسة الدكتوراه بشهادة ماجستير فيها تزوير في بعض نتائجها

السؤال

الشيخ الفاضل، لدي استفسار أرجو أن يتسع صدركم له؛ ففيه تفاصيل طويلة بعض الشيء:
أثناء دراستي للماجستير قصرت في جزئيتين:
الجزئية الأولى:
كان موضوع رسالة الماجستير يتبع المنهج التجريبي، فبدأت في الجزء النظري, وأنهيته, ثم انتقلت لجزء عملي صغير خاص بمدى كفاءة اختبار يقيس مستوى اللغة لدى الطلاب, فلم أطبقه، وادعيت أنني طبقته, وأكملت رسالتي دون أن ألتفت، لكن يغلب على ظني أنني لو لم أتناول هذه النقطة من الأساس، سأمنح الدرجة العلمية, ولو بتقدير أقل, فهل يؤثر ذلك في صحة الدرجة العلمية؟
الجزئية الثانية:
انتقلت بعد ذلك لجزء عملي رئيسي وكبير في الرسالة، يقارن بين طريقتين تدريسيتين، فكان المفترض أن أقارن بين الطريقتين عمليا من خلال التدريس لفصلين، أحدهما بالطريقة الأولى، والثاني بالطريقة الثانية، ثم أطبق اختبارا موحدا على الفصلين، لأرى درجات الطلاب، وأقارن بين درجات الفصلين, لتحديد أي الطريقتين أفضل في رفع مستوى الطلاب في اللغة, فتوجهت بالفعل لعدد من المدارس أبحث عن الأفضل, واستقر الحال على إحدى المدارس، فأنهيت إجراءات رسمية (توقيعات, وأختام), ودخلت المدرسة عازما على التطبيق, لكن الجو العام للمدرسة منعني من التطبيق لأسباب عدة، منها:
1- عدم وجود تنسيق بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبين المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، لذلك كان وجودي بالمدرسة غريبا بالنسبة للجميع، وكانت صلاحياتي محدودة جدا.
2- بحثي الذي اخترته كان صعب التطبيق.
3- لم أجد بعض الأجهزة الضرورية بالمدرسة, أو كانت موجودة لكن عدم اهتمام المدرسة بالبحث العلمي، لم يتح لي استخدام أجهزتها.
4- جهل مدير المدرسة بالبحث العلمي.
5- تعنت أمين المعمل.
6- جهل المعلمين بقيمة البحث العلمي.
7- تعنت المشرف الذي أطال فترة الماجستير، حتى أنني استغرقت خمس سنوات ونصف للحصول على الدرجة، مما جعلني أفكر في إنهاء الأمر بأي وسيلة للتغلب على هذا التعنت.
8- عملي الذى شوش على تواجدي في المدرسة أحيانا، فلم أستطع أن أترك عملي بالكلية لأتفرغ للتواجد الدائم بالمدرسة.
بصفة عامة: حاولت التطبيق لكن الجو المدرسي لم يكن طيبا، وربما حدث تقصير مني أيضا، فأنا الآن ألوم نفسي فربما أنني لم أنجح في التطبيق بسبب شخصيتي الملتزمة جدا, التي لا تجيد اللف والدوران عند التعامل مع الآخرين, أو ربما لأخطاء غير مقصودة في البحث.
المهم: أنني بدلا من التطبيق كما ينبغي خرج التطبيق لا معنى له بسبب المدرسة التى لم تقدر تواجدي بها, ولم أذهب لمدرسة أخرى لأن ذلك كان سيتطلب مزيدا من الوقت, وأصررت على التطبيق في تلك المدرسة حتى أنهي رسالتي التي طالت خمس سنوات, ولم أتمكن من التطبيق العملي كما ينبغي فأضطررت لتزوير درجات للطلبة, وكان يغلب على ظني وقتها أن التطبيق العملي سيرجح الطريقة التدريسية الثانية, فرجحتها دون تطبيق عملي، ثم بدأت أكمل رسالتي معتمدا على هذا الترجيح الذى بنيته على اجتهاد نظري, وعلى عدد من الدراسات الأجنبية التي تمدح في هذه الطريقة, دون تطبيق عملي حقيقي, وقلت في الرسالة التي تعتمد بالأساس على المنهج العملي: أنني طبقت عمليا.
الآن من يقرأ رسالتي يجدها من أجمل الرسالات موضوعا, وصياغة, ومنطقا, لكني أنا من أعرف أنني لم أطبقها كما ينبغي للأسباب التي ذكرتها, فرغم أن نتائجها تعتمد على العملي إلا أنني لم أطبق العملي, وبالتالي؛ فالنتائج مزورة, لأنها اعتمدت على الاجتهاد النظري, وليس على التطبيق العملي.
المهم: أشعر الآن بتأنيب الضمير، ولا أعرف ماذا أفعل؟ فأنا أعمل الآن بفضل هذه الرسالة, وأتقاضى أجرا منها, ولا أعرف هل أعيش في الحرام أم لا؟ فهذا الجزء العملي تنبني عليه نتائج البحث كلها.
وأريد أن أوضح أن حمَلة الماجستير يأخذون مكافآت على دراساتهم للماجستير, بغض النظر عن عملهم الذي قد يتساوى مع الأفراد العاديين، وبذلك فإنهم يتقاضون أجرا على الماجستير, وليس على العمل, ويصعب حساب تلك المبالغ المرتبطة بالعمل أو بالشهادة نفسها, فاقترح عليّ أحد الأشخاص إخراج نسبة عشرة في المائة من المرتب لله.
أما الآن فقد التحقت بالدكتوراه, لكني الآن لا أعرف هل بناء هذه الدكتوراة على ما مضى هو بناء على باطل أم أكمل الدكتوراه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيُشكر لك حرصك على الحلال, وخشيتك من الحرام، فاستغفر الله تعالى مما عملت من تزوير وكذب في بحثك, واعزم ألا تعود إليه, وغيّر ما وضعته في البحث من ذلك حتى لا ينخدع به الناس, وينقلونه عنك. وأما ما في البحث من حقائق, ومعارف صحيحة -لا كذب فيها، ولا خداع-: فلا بأس بالانتفاع بها, وبثها، ونشرها.

ويجوز لك مواصلة دراستك للدكتوراه, لكن اجتنب الغش, والكذب, والخداع في ذلك.

وأما عملك: فما دمت تؤديه على أحسن وجه وأتمه, فلا حرج عليك فيه, ولا فيما تكسبه منه, ولا يلزمك التخلص من شيء من راتبك. وقد سئل الشيخ/ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل يعمل بشهادة علمية، وقد غش في امتحانات هذه الشهادة, وهو الآن يحسن هذا العمل بشهادة مرؤوسيه، فما حكم راتبه؟ وهل هو حلال أم حرام؟ فأجاب: لا حرج ـ إن شاء الله ـ،عليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش، وهو إذا كان قائما بالعمل كما ينبغي, فلا حرج عليه من جهة كسبه، لكنه أخطأ في الغش السابق، وعليه التوبة إلى الله من ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني