الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوصى شفهيا بشقة الزوجية قبل موته

السؤال

لقد توفي والدي -رحمه الله-، وترك وصية شفهية تُمثل ثلث التركة، وهي: الشقة التي كنا نقيم فيها معه أنا، وأخي، وزوجة أبي. فهل تجوز الوصية على شقة الزوجية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإذا كان والدكم أوصى بثلث التركة، وهي: الشقة المشار إليها، أوصى به لغير وارث، فالوصية ماضية صحيحة، لا إشكال فيها، وكونها شقة الزوجية هذا لا يمنع من مضي الوصية، ومن المعلوم: أنه يجوز للموصي أن يوصي لغير وارث بما لا يزيد عن الثلث من أي شيء من تركته، وقد جاء في حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ اَللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ; زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ. قال الحافظ في البلوغ : رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وأما إذا كان أوصى بالثلث لأحد ورثته، فإن الوصية للوارث ممنوعة شرعًا، ولا تمضي إلا برضا الورثة الآخرين، كما فصلناه في الفتوى رقم: 170967، والفتوى رقم: 121878.
وننبه إلى أن الوصية الشفوية لا تثبت بمجرد دعوى الشخص أن الميت أوصى له، فإذا ادعى أحد أن الميت أوصى له بشيء من التركة، فإنه يطالب بإقامة البينة على دعواه؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لَوْ يُعْطَى اَلنَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنِ اَلْيَمِينُ عَلَى اَلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْه. وَلِلْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: اَلْبَيِّنَةُ عَلَى اَلْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ.

قال الصنعاني في السبل: والحديث دال على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه، بل يحتاج إلى البينة، أو تصديق المدعى عليه ...اهـ.
والبينة التي تثبت بها الأموال: أقلها رجل وامرأتان، أو رجل ويمين المدعي؛ جاء في المغني لابن قدامة: وَلَا يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَرَجُلٍ عَدْلٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ... وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ ثُبُوتَ الْمَالِ لِمُدَّعِيهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ، وَشُرَيْحٍ، وَإِيَاسَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وَرَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَالشَّافِعِيِّ. اهــ. مختصرًا.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني