الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف بالطلاق ألا يذهب لبيت أهل زوجته ليعيدها, ثم احتال بحيلة فصار إليها

السؤال

أسأل حضراتكم عن موقف وقعت فيه: كنت قد اختلفت مع زوجتي، ثم ذهبتْ إلى بيت أهلها دون علمي، واستمر الفراق لمدة تزيد على الستة أسابيع, وخلال هذه الفترة مارس والداي ضغطا كبيرا عليّ كي أذهب إلى بيت أهلها وأعيدها, ومع شدة الضغط، ومع غضبي من الموقف حلفت بالطلاق أني لن أذهب وأعيدها، ولكن هل يمكنني أن أذهب لأرى ابني, وأعود مرة أخرى دون أن أرجعها؟ وبعد إتمام شهرين هداني الله، وقررت أن أذهب ومعي أخي كي نتفاهم مع أهل زوجتي, وأقوم بإعادتها على أن تعود هي وابني مع أخي في السيارة, وأعود أنا بالمواصلات, فهل حينها سيقع الطلاق أم لا؟ أم أن هذا يعتبر تحايلا على القسم.
أرجو الإفادة مع إبداء النصيحة في حل مثل هذا الموقف، وفي حالة وقوع الطلاق، ما هي الكفارة؟ علما بأنني لا أعلم ما هي قيمة إطعام عشرة مساكين لعدم تواجدهم في المنطقة المحيطة بنا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي عليه جمهور أهل العلم: أنّ من حلف بالطلاق وحنث في يمينه وقع طلاقه، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ومن وافقه، يرى أنّ الحلف بالطلاق وتعليقه بقصد التأكيد لا يقع بالحنث فيه طلاق, ولكن تلزم الحالف كفارة يمين، والمفتى به عندنا: قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 11592. والعبرة في الأيمان بنية الحالف فيما تلفظ به.

والظاهر من سؤالك: أنّك حلفت على الامتناع من الذهاب إلى بيت أهل زوجتك بغرض إرجاعها، فإذا ذهبت لغرض آخر لا تحنث، أما إذا ذهبت بغرض إرجاعها فإنّك تحنث ولو فعلت الحيلة المذكورة، قال ابن القيم: "وقال (الإمام أحمد) في رواية الميموني وقد سأله عمن حلف على يمين ثم احتال لإبطالها؟ فقال: نحن لا نرى الحيلة. وقال في رواية بكر بن محمد: إذا حلف على شيء, ثم احتال بحيلة فصار إليها, فقد صار إلى ذلك الذي حلف عليه بعينه, وقال: من احتال بحيلة فهو حانث" إعلام الموقعين.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا: أنّك إذا ذهبت بغرض إرجاع زوجتك فإنها تطلق منك، وإذا لم تكن طلقتها قبل ذلك أكثر من طلقة، فلك مراجعتها حينئذ قبل انقضاء عدتها، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعًا راجع الفتوى رقم: 54195.
وإذا رجعت زوجتك إلى بيتك دون ذهابك إلى بيت أهلها بغرض إرجاعها، فإن يمينك تنحل, ولا يقع على زوجتك طلاق.
أما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فلك أن تذهب لإرجاع زوجتك, وتصحبها معك إلى بيتك, ولا يقع عليها طلاق، ولكن تلزمك حينئذ كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، وراجع الفتوى رقم: 2022.
وإذا لم تكن عارفًا بمواضع المساكين، فلك أن توكل غيرك في إطعام عشرة مساكين، وذلك ميسور عن طريق الجمعيات الخيرية، ونحوها، وانظر الفتوى رقم: 78467.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني