الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آية الرجم نسخ لفظها وبقي حكمها

السؤال

ما هي الحكمة في عدم ذكر آية رجم الزاني المحصن (الثيب الزاني) في القرآن الكريم؟ أعلم أنها ذكرت في السنة النبوية, ولكن لماذا لم تذكر في القرآن بالرغم من وجود آية قطع يد السارق -وهي أقل شأنا من حد القتل رجما-؟
وبارك الله فيكم, وزادكم علما, ونفعا للأمة الإسلامية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله -عز وجل- قد أمر بالرجم، وأنزل فيه آية قرآنية كانت تتلى على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفترة من الزمن، ثم نسخ لفظها وبقي حكمها, ووجوب العمل بها ماض إلى يوم القيامة، وقد ثبت عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال عمر: إن الله قد بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالحق, وأنزل عليه الكتاب, فكان مما أنزل عليه: آية الرجم. قرأناها. ووعيناها, وعقلناها، فرجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله! فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، وقد قرأتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، نكالا من الله، والله عزيز حكيم. متفق عليه.

وفي موطأ مالك, وغيره: أن عمر خطب الناس، فقال: أيها الناس, قد سنت لكم السنن, وفرضت لكم الفرائض, وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا، وضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم, أن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى. لكتبتها: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة. فإنا قد قرأناها. قال يحيى: سمعت مالكا يقول: قوله: الشيخ والشيخة يعني: الثيب والثيبة فارجموهما البتة.

وعن أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، فكان فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما البتة. رواه ابن حبان, ورواه أبو داود الطيالسي فقال: حدثنا ابن فضالة، عن عاصم، عن زر قال: قال لي أبي بن كعب -رضي الله عنه-: يا زر, كيف تقرأ سورة الأحزاب؟ قال: قلت: كذا وكذا آية. قال: إن كانت تضاهي سورة البقرة، فإن كنا لنقرأ فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله ورسوله. فرفع فيما رفع. اهـ.

وقال البيهقي في سننه بعد ذكر الأحاديث الواردة في ذلك: في هذا وما قبله دلالة على أن آية الرجم حكمها ثابت وتلاوتها منسوخة، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا. انتهى.

ثم إنه يجب العلم بأن ما ثبت في السنة المطهرة فلا فرق بينه وبين ما ثبت في القرآن، فالكل من عند الله، قال تعالى عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4،3]، وقال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر:7}، وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني