الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح أثر: ليس التميمة ما تعلق به بعد البلاء..

السؤال

ما معنى قول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "ليسَتْ التَّميمَةُ ما يَعلَّقُ به بعدَ البَلاءِ، إنَّما التَّميمَةُ ما يعلَّقُ به قبلَ البلاءِ"؟ وما معنى التميمة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأثر المذكور رواه الحاكم في المستدرك، ولفظه: "عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «لَيْسَتِ التَّمِيمَةُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ بَعْدَ الْبَلَاءِ، إِنَّمَا التَّمِيمةُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ قَبْلَ الْبَلَاءِ.»" وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، ووافقه الذهبي.
وله حكم المرفوع -كما قال الحاكم- فقد علق عليه بقوله: «وَلَعَلَّ مُتَوَهِّمًا يَتَوَهَّمُ أَنَّه مِنَ الْمَوْقُوفَاتِ عَلَى عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ ذَكَرَ التَّمَائِمِ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ فَإِذَا فَسَّرَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- التَّمِيمَةَ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ». وفي رواية للبيهقي في السنن عَنْهَا -رضي الله عنها- قَالَتْ: (التَّمَائِمَ مَا عُلِّقَ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ، وَمَا عُلِّقَ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَلَيْسَ بِتَمِيمَةٍ).
ومعناه: أن النهي عن تعليق التمائم للعلاج هو ما كان منه قبل حصول البلاء، أما بعد حصول البلاء فليس منهيا عنه؛ لأنه صار في معنى الرقية، والرقية لا ينهى عنها ما لم تكن بشرك أو حرام؛ جاء في التمهيد لابن عبد البر -بعد أن ذكر أن نصوص النهي محمولة على التعليق قبل نزول البلاء- قال: "وكل ما يعلق بعد نزول البلاء من أسماء الله وكتابه رجاء الفرج والبرء من الله -عز وجل-، فهو كالرقى المباحة التي وردت السنة بإباحتها من العين وغيرها."، وقال القرطبي في التفسير "قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى أَعْنَاقِ الْمَرْضَى عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِهَا إِذَا لَمْ يُرِدْ مُعَلِّقُهَا بِتَعْلِيقِهَا مُدَافَعَةَ الْعَيْنِ، وَهَذَا مَعْنَاهُ: قَبْلَ أن ينزل به شيء مِنَ الْعَيْنِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ."

وقد اختلف أهل العلم في جواز تعليق التميمة من القرآن، والحديث، والأدعية المشروعة، سواء كان التعليق قبل البلاء أو بعده، انظر أقوالهم في ذلك في الفتويين التالية أرقامهما: 71590، 6029.

والتميمة معناها: كل ما يعلق على الشخص بقصد دفع الضر أو جلب النفع؛ سميت تميمة لاعتقادهم أنهم يتم أمرهم ويحفظون بها، جاء في المجموع للنووي: "قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَيُقَالُ إنَّ التَّمِيمَةَ خَرَزَةٌ كَانُوا يُعَلِّقُونَهَا يَرَوْنَ أَنَّهَا تَدْفَعُ عَنْهُمْ الْآفَاتِ."، وقال القرطبي في التفسير: "قَالَ أَبُو عُمَرَ: التَّمِيمَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْقِلَادَةُ، وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَا عُلِّقَ فِي الْأَعْنَاقِ مِنَ القلائد خشية العين أو غيرها من أنواع البلاء."

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني