الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علامات قبول الحج، وأحكام استعمال العطور

السؤال

أنا شاب قمت بالحج سنة: 1435 ولكن بعد الحج لم أحس بأن حياتي تغيرت للأفضل بل أحس أني أصبحت أسوأ من قبل قليلا، فهل هذا يعني عدم قبول الحج؟.
وسؤال آخر بخصوص الكحول: فقد أصبحت لا أضع العطر خوفا من أن يكون فيه نسبة من الكحول، وحتى أصبحت لا أريد الذهاب للمستشفى لعلمي باستخدامهم للمعقمات التي أشك بأن فيها كحولا.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقبول الحج أو عدم قبوله أمر غيبي يعلمه الله تعالى ولا يَطَّلِعُ عليه العباد، وما ذكرته من الشعور بأن حالك أسوأ بعد الحج هذا لا يخول الحكم عليه بأنه غير مقبول، ولكن تلك الحال ينبغي أن تحملك على الخوف من عدم قبوله، فإن من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها، وقد قال الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه الإحياء: وَيُقَالُ: «مِنْ عَلَامَةِ قَبُولِ الْحَجِّ تَرْكُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي، وَأَنْ يَتَبَدَّلَ بِإِخْوَانِهِ الْبَطَّالِينَ إِخْوَانًا صَالِحِينَ، وَبِمَجَالِسِ اللَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ مَجَالِسَ الذِّكْرِ وَالْيَقَظَةِ» اهــ .

وسئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: هل هناك علامات تظهر على المقبولين في أداء الحج والعمرة؟ فأجاب بقوله: قد يكون هناك علامات لمن تقبل الله منهم من الحجاج، والصائمين، والمتصدقين، والمصلين وهي انشراح الصدر وسرور القلب، ونور الوجه، فإن للطاعات علامات تظهر على بدن صاحبها، بل على ظاهره وباطنه أيضاً، وذكر بعض السلف أن علامة قبول الحسنة أن يوفق الإنسان لحسنة بعدها، فإن توفيق الله إياه لحسنة بعدها يدل على أن الله عز وجل قبل عمله الأول، ومنَّ عليه بعمل آخر يرضى به عنه. اهــ
وانظر الفتوى رقم: 238336، عن علامة قبول العمل .

وأما عن امتناعك عن استخدام العطور لأنك تشك في كونها مشتملة على الكحول فالشك لا عبرة به هنا؛ لأن الأصل في الشيء الطهارة، والعطور منها ما فيه كحول، ومنها ما هو خال من الكحول، وحتى إن كان الغالب فيها اشتمالها على الحكول فإنه يقدم الأصل وهو الطهارة على الغالب، قال النووي ـ رحمه الله ـ: الشيء الذي لا يتيقن نجاسته ولا طهارته والغالب في مثله النجاسة فيه قولان لتعارض الأصل والظاهر، أظهرهما الطهارة عملا بالأصل... اهـ ، فما دمت لم تتيقن اشتمالها على الحكول فإنه يجوز استعمال تلك العطور.

ويمكنك معرفة كون العطر فيه كحول أم لا من خلال قراءة محتويات العطر، وعادة ما تُكْتَبُ عليه، فإن ظهر أنه خال من الحكول فلا إشكال، وإن ظهر أنه مشتمل على الحكول فينبغي اجتنابه في الملابس التي تصلي فيها لأن الحكول المسكرة نجسة، ومن شرط صحة الصلاة طهارة البدن والثياب والمكان من النجاسة، ولا حرج في استعماله في غير الملابس التي تصلي فيها؛ لأن المتنجس يجوز استعماله في غير المسجد وطعام الآدمي وشرابه، قال الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: وينتفع بمتنجس لا نجس في غير مسجد وآدمي: والمعنى أن الشيء المتنجس وهو ما كان طاهراً في الأصل وأصابته نجاسة كالثوب المتنجس والزيت ونحوه تقع فيه فأرة أو نجاسة يجوز الانتفاع به في غير مسجد وغير أكل آدمي كبير أو صغير عاقل أو مجنون مسلم أو كافر، وإنما قدرنا أكل آدمي؛ إذ لا يصح نفي كل منافع الآدمي لجواز استصباحه بالزيت، وعمله صابونا، وعلفه الطعام المتنجس للدواب، والعسل المتنجس للنحل، وهو من منافعه ولبسه الثوب المتنجس ونومه فيه ما لم يكن وقتاً يعرق فيه، قاله في المدونة . اهــ

ويجوز تعقيم الجروح وتطهيرها بالكحول للحاجة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني