الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا نذرت نذراً بأنّ الله إذا زوجني فلان فإني سأوفي بنذر، هل أقوم بالنذر لتتحقق أمنيتي أم أنتظر لما تتحقق أمنيتي أقوم بالنذر؟ وإذا تحققت أمنيتي ولم أقم بالنذر ماذا أصنع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك غير واضح كما ينبغي، ولكنا نقول: إن النذر له أركان لاينعقد إلا بها, ومن تلك الأركان: الصيغة, وهي لفظ يدل على الالتزام, جاء في الإقناع فى حل ألفاظ أبي شجاع الشافعي متحدثا عن صيغة النذر:

وشرط في الصيغة لفظ يشعر بالتزام وما في معناه كلله علي كذا أو علي كذا كسائر العقود. انتهى

وبناء على ذلك فقولك: "فإني سأوفي بنذر" ليس بصيغة ينعقد بها النذر، وبالتالى فلا يلزمك شيء, ولو وقع الزواج المقصود إن كنت لم تقولي غيرها، أما إن كنت أتيت بصيغة ينعقد بها النذر كما لو قلت: نذرت إذا تزوجني ... فالجواب أن النذر المعلق لا يجب الوفاء به إلا إذا حصل الشيء المعلق عليه, جاء في الروض المربع: ومثال المعلق كقوله: إن شفى الله مريضي، أو سلم مالي الغائب، فلله علي كذا ـ من صلاة أو صوم ونحوه ـ فوجد الشرط، لزمه الوفاء به أي بنذره. انتهى.
وعلى هذا، فلا يلزمك الوفاء بنذرك إلا إذا تحققتْ أمنيتك, جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء جوابا لسائل نذر أنه سيتصدق بثلث دخل حمَام معين: يجب عليك الوفاء بالنذر المذكور؛ لأنه نذر طاعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه»، وإن لم تقدر على الوفاء به، فإنك تكفر كفارة يمين، ويشترط في اتخاذ الحمام أن لا تعمل فيه المعاصي وفعل المحرمات، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اهـ
وبما أنك لم تحددي النذر الذى قصدته، فإنه يعتبر نذرا مبهما تلزم فيه كفارة يمين عند أكثر أهل العلم, جاء في المغني لابن قدامة: النذر المبهم، وهو أن يقول لله علي نذر، فهذا تجب به الكفارة في قول أكثر أهل العلم، وروى ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعائشة، وبه قال الحسن والقاسم وسالم والشعبي ومالك والثوري ومحمد بن الحسن، قال: ولا أعلم له مخالفاً إلا الشافعي قال لا ينعقد نذره ولا كفارة فيه، لأن من النذر ما لا كفارة فيه، ولنا ما روى عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر إذا لم يسمه كفارة اليمين، رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح غريب، ولأنه نص، وهذا قول من سمينا من الصحابة والتابعين، ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً. انتهى

ومن لم يف بنذره مع القدرة عليه, فهو آثم, ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 28918.

مع التنبيه على أن الإقدام على النذر مكروه، لثبوت النهي عنه، كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني