الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المدراس المختلطة ودراسة شعر الغزل

السؤال

أنا أدرس بالصف الأول الثانوي، ويجب علينا قراءة القصائد الغزلية, ودراستها, وحفظها, وتأليف غيرها, فهل هذا يجوز؟
وأيضا أريد أن أسأل عن حكم طلب العلم الشرعي في قسم مختلط؛ الرجال في الأمام، والنساء في الوراء، لكن لا يفصلهم ساتر ولا أي شيء، وأنا منتقبة؟ مع العلم أنه لا يوجد في بلدي مدارس لطلب العلم الشرعي غير مختلطة.
وبارك الله فيك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فشعر الغزل إذا أنشد لغرض معتبر كتعلم اللغة والاستشهاد عليها، فلا حرج فيه، وأما ما خلا من غرض معتبر، وكان من الشعر المكشوف الذي يدعو إلى الفواحش ويزينها، أو يثير الشهوات ويهيجها، فهو من المنكرات التي يجب اجتنابها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: نهى الله عن إشاعة الفاحشة بقوله تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}, وكذلك أمر بستر الفواحش كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله؛ فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه الكتاب" .. فما دام الذنب مستورا فمصيبته على صاحبه خاصة، فإذا أظهر ولم ينكر كان ضرره عاما، فكيف إذا كان في ظهوره تحريك غيره إليه؛ ولهذا أنكر الإمام أحمد وغيره أشكال الشعر الغزلي الرقيق؛ لئلا تتحرك النفوس إلى الفواحش. اهـ.

وقال الشيخ ابن باز: كل شعر يدعو إلى الفواحش والمنكر -سمي غزلا أو غير غزل- أو يدعو إلى شيء من المحرمات لا تجوز كتابته، ولا قراءته على الناس, ولا الاشتغال به؛ لأنه مما يصد عن سبيل الله، ومما يشجع على الفاحشة، ومن لهو الحديث المنكر الذي ذمه الله وعابه في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}.. اهـ.
وقال الأستاذ الدكتور خالد المصلح: لا ريب عند أهل العلم أن الكلام الذي يهيج على الشهوات ويغري بسيئ الأعمال حرام لا يجوز قوله، ولا يجوز سماعه, ولا الاشتغال به؛ فإن القلوب ضعيفة, والشهوات خطافة، وقد ذكر أهل العلم أن من ينشد أشعار الغزل التي تغري بالفساد يستحق التعزير على فعله، أما ما كان من الغزل النظيف اليسير، الذي ليس فيه خطاب لمن يحرم خطابها به، فقد جرى التسامح به في القصائد, كما في قصيدة زهير: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول، وعلى كل حال؛ فليحذر المسلم أن يضل أو يضل. اهـ.
وجاء في (الموسوعة الفقهية): لا يعرف خلاف بين الفقهاء في حرمة ذكر المثير على الفحش من الصفات الحسية والمعنوية لامرأة أجنبية محرمة عليه ... ويجوز التشبيب بامرأة غير معينة، ما لم يقل فحشا أو ينصب قرينة تدل على التعيين؛ لأن الغرض من ذلك هو تحسين الكلام وترقيقه لا تحقيق المذكور، فإن نصب قرينة تدل على التعيين فهو في حكم التعيين ... أما رواية ذلك أو إنشاده: فإنه إذا لم يقصد به الحض على المحرم، فهو مباح، لنحو الاستشهاد أو تعلم الفصاحة والبلاغة. اهـ.
والخلاصة: أن شعر الغزل يمنع منه ما كان في امرأة معينة، أو كان يغري بالفاحشة، أما إذا كان مبهما وبقصد الاستشهاد وما أشبه ذلك، فلا مانع منه، وراجعي تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18243، 31012، 114616، 112519. وراجعي في شروط جواز إنشاد أشعار الغزل والاستماع لها، الفتوى رقم: 152657.

وفي حال فرض دراسة الشعر المحرم في المدارس، فنرجو أن لا يكون هناك بأس على دارسه مع إنكار القلب، ومجاهدة النفس في عدم التأثر به، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 165763.
وأما طلب العلم الشرعي في قسم مختلط بالوصف المذكور في السؤال؛ حيث يجلس الرجال في الأمام والنساء في الخلف دون فاصل ساتر: فهذا لا حرج فيه إذا أمنت الفتنة، والتزم الحضور بالضوابط والآداب الشرعية، ولا سيما إذا لم يوجد مكان غير مختلط لتلقي العلم. وراجعي الفتوى رقم: 110970. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 5310، 127658.

وأما إذا وجدت الفتنة، وخافت المرأة على نفسها، فالوسائل البديلة لتحصيل العلم في هذا الزمن متوفرة، بسماع ومتابعة الدروس والمحاضرات العلمية عبر وسائل التواصل والاتصال الحديثة، بل إنه صار من المتاح الالتحاق بالدراسة الجامعية والأكاديمية عبر الشبكة العنكبوتية، وراجعي الفتوى رقم: 262270.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني