الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أديت فريضة الحج أنا وزوجتي منذ عامين، ويوم عودتنا آوينا إلى الفراش في إجهاد، وضممت ابني في حضني لنقرأ سوياً أذكار المساء، فغلبنا النعاس ونمنا، فرأيت رؤيا كان فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وبجواره سيدنا داود عليه السلام، وحيث إنها كانت أول مرة أرى فيها سيدنا داود عليه السلام، وكان قد سبق لي رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في منامات أخرى، فقد خطر في بالي أن أجامله بنصوص ديننا، وأنا بفضل الله تعالى حافظ لكتاب الله بسند يمتد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستعرضت كالبرق كل الآيات التي وردت عن سيدنا داود عليه السلام في القرآن وقررت أن أختار آية سورة البقرة، فقلت له: حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عنك كثيرا مادحاً لك، وذكرك الله في كتابه فقال (فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء)، فرد علي ـ وقد أحسست أنه يرد المجاملة والمدح بمثله ـ قائلاً: وأنتم قال الله فيكم (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة..) ولم أذكر ما قال بعدها، ولما استيقظت أدركني الدهشة والفرحة الشديدة، فقد رأيت نبيين كريمين في آن واحد، وتذكرت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتحدث، ولكنه تابع الحوار متابعة الراضي عن الكلام، الممتن لهذا العبد من أمته، ثم تساءلت: أي آية هذه التي ذكرها سيدنا داود؟ فاستعرضت الآيات المشابهة، فلم أجد إلا آية سورة البقرة تصلح بهذه البداية ونهايتها (...لهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) فاستبشرت كثيراً، وكان هذا من سنوات ثلاثة، ثم أصابني ما يصيب البشر من الغفلة وخلطنا عملا صالحاً وآخر سيئاً (عسى الله أن يتوب علينا)، فصرت أتساءل: هل ما زلت مستحقاً لتلك البشرى، وانتبهت لفقه النبي الكريم حين اختار آيةً مشروطةً بأعمال صالحة كثيرة، فمتى حافظ المؤمن عليها استحق الوعد الإلهي، ومتى ابتعد عنها ابتعد عن البشرى الأبدية. فما رأيكم؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه ليس من اختصاصنا تعبير الرؤيا، وليس عندنا ما يمكن الجزم به في شأن البشري التي استبشرت بها، ولا شك أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم بصفته الثابتة في السنة الصحيحة مؤشر، خير وقد ثبت في حديث الصحيحين واللفظ للبخاري: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتخيل بي.

وفي الحديث: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره. رواه البخاري.

وعلى العموم، فإن على المسلم أن يحرص على الاستقامة على الطاعات حتي يموت عليها، فالعبرة بما يختم له به، فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأعمال بالخواتيم. وفي رواية للإمام أحمد في المسند صححها الأرناؤوط: وإنما الأعمال بالخواتيم.
وقال ابن حجر في الفتح قوله: شقي أو سعيد، أن الملك يكتب إحدى الكلمتين كأن يكتب ـ مثلاً ـ أجل هذا الجنين كذا، ورزقه كذا وعمله كذا، وهو شقي باعتبار ما يختم له، وسعيد باعتبار ما يختم له، كما دل عليه بقية الخبر. ا.هـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني