الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفقة الشخص على والديه إذا كانا محتاجين من أعظم القربات

السؤال

أريد دليلا من القرآن الكريم والسنة النبوية لأقنع أخي أنه إذا أعطى أمي وأبي من ماله فلن ينقص ماله، ولن يموت هو وزوجته وأولاده من الجوع، بل إن الله سيبارك له فيه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن نفقة الشخص على والديه إذا كانا محتاجين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وهي سبب عظيم لزيادة المال ونمائه وحصول البركة فيه، فضلا عما يدخره الله تعالى للعبد في الآخرة، وإذا كانت الصدقة بمجردها سببا لزيادة المال ونمائه، فكيف إذا كانت ثنتين صدقة وصلة، قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:261}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال. أخرجه مسلم. قال الصنعاني ـ رحمه الله ـ: فسر العلماء عدم النقص بمعنيين، الأول: أنه يبارك له فيه ويدفع عنه الآفات فيجبر نقص الصُّورَةِ بِالْبَرَكَةِ الْخَفِيَّةِ (وَالثَّانِي): أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالثَّوَابِ الْحَاصِلِ عَنْ الصَّدَقَةِ جُبْرَانُ نَقْصِ عَيْنِهَا فَكَأَنَّ الصَّدَقَةَ لَمْ تُنْقِصْ الْمَالَ لِمَا يَكْتُبُ اللَّهُ مِنْ مُضَاعَفَةِ الْحَسَنَةِ إلَى عَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. قُلْت: وَالْمَعْنَى الثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُفُهَا بِعِوَضٍ يَظْهَرُ بِهِ عَدَمُ نَقْصِ الْمَالِ بَلْ رُبَّمَا زَادَتْهُ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39] وَهُوَ مجرب محسوس. انتهى، وعلى تقدير كون الوالدين غير محتاجين فإن صلتهما بالمال من أعظم أسباب زيادة الرزق كذلك، ففي البخاري من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. وأخرج التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً «أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ» وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ مَرْفُوعًا صِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يُعَمِّرَانِ الدِّيَارَ وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ. وأخرج أحمد بإسناد حسن كما قال الأرنؤوط عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يمد له في عمره وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. والنصوص في هذا المعنى كثيرة، وفيما ذكرنا كفاية لمن شرح الله صدره للخير، فذكري أخاك بهذه النصوص ونحوها فإن يكن الله أراد به خيرا وفقه لبر والديه، والإحسان إليهما والبذل لهما من ماله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني