الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحل للمشتري أخذ زيادة على ما دفعه إذا فسخ البيع

السؤال

قمت بشراء جهاز جوال عن طريق برنامج الإنستقرام؛ حيث كان الإعلان عن هذا المتجر من مصدر موثوق، وضع المتجر إعلانا عن بيع الأجهزة بنصف السعر لأول عشرة زبائن بمناسبة افتتاح المتجر، فاشتريت منهم جهازا، وبعد الاتفاق تم إرسال المبلغ لهم عن طريق البنك، وتأخر المتجر في إرسال الجهاز لي، وعوضني بجهاز آخر كهدية عن التأخير، ولكن استمر تأخير إرسال الجهازين إلى أربعة أشهر، وقرر المتجر إرجاع المبالغ، وأرجع لبعض المتضررين مبالغهم، والقليل منهم في انتظار أجهزتهم، وأنا رفضت استرجاع المبلغ، لأن البيعة تمت، وطلبت من المتجر شراء الجهازين مني بالسعر الأصلي بدون تخفيض بدلا من إرسالهما، وتم الرفض، وأرسلوا المبلغ السابق فقط لي(المبلغ الذي أرسلته سابقا على البنك)، وحصل خلاف بيني وبينهم على باقي المبلغ المطلوب في أجهزتي، فمن منا على حق؟
أرجو الرد في أقرب وقت ممكن لإرسال جواب الفتوى للمتجر.
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالبيع من العقود اللازمة من الطرفين البائع والمشتري، ولا يملك أحدهما فسخه إلا برضا الآخر، قال السيوطي: العقود الواقعة بين اثنين على أقسام: الأول: لازم من الطرفين قطعا، كالبيع والصرف والسلم. اهـ. من الأشباه والنظائر.

وجاء في الموسوعة الفقهية: فالبيع والسلم والإجارة عقود لازمة، إذ إنها متى صحت لا يجوز فسخها بغير التقايل، ولو امتنع أحد العاقدين عن الوفاء بها أجبر. اهـ.

لكن تستحب الإقالة في البيع لقوله صلى الله عليه وسلم: من أقال مسلما، أقال الله عثرته. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان، والحاكم. وراجعي الفتوى رقم: 48130 .

وعليه؛ فلا يجوز للبائع فسخ هذا البيع إلا برضاك، ولك الامتناع عن الفسخ .

وأما اشتراط الزيادة في الثمن الذي دفعته مقابل الفسخ: فلا يجوز؛ لأن الإقالة فسخ وليست بيعا، فلا تجوز إلا بمثل الثمن.

وإذا كان البيع من باب السلم، وهو بيع موصوف في الذمة فهو أولى بعدم الجواز، قال ابن تيمية: لا يجوز بيع هذا الدين الذي هو دين السلم قبل قبضه لا من المستلف ولا من غيره في مذهب الأئمة الأربعة؛ بل هذا يدخل فيما نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيع ما لم يقبض. وقد يدخل في ربح ما لم يضمن أيضا .اهـ.

ودين السلم لا يجوز اشتراط مقابل عن التأخير فيه، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 85 ( 2/9):

و - إذا عجز المسلم إليه عن تسليم المسلم فيه عند حلول الأجل، فإنَّ المسلم (المشتري) يخير بين الانتظار إلى أن يوجد المسلم فيه، وفسخ العقد وأخذ رأس ماله، وإذا كان عجزه عن إعسار فنظرة إلى ميسرة.

ز - لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المسلم فيه؛ لأنه عبارة عن دين، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الديون عند التأخير. اهـ.

فالحاصل: أنه إذا اخترت فسخ البيع فلا تستحقين إلا الثمن الذي دفعته، وليس لك المطالبة بزيادة عليه في صورة جهاز آخر أو مبلغ مالي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني