الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب تصرف الوكيل بالأحظ لموكله والنصح للعملاء والزبائن

السؤال

بارك الله فيكم وبجهدكم.
أنا أعمل في مجال البناء وأعرف أحد الأشخاص يعمل في شركة مقاولات، وفي أحد الأيام اتصل بي وقال نريد منك أن نسلمك عملا في شركتنا وهو يعمل مراقب عمال في الشركة، جئته وتحدثت إليه بحكم الصداقة والمعرفة قال لي كم تريد على هذا العمل لكي أعطيه للمهندس، أعطيته تسعيرة للمواد وذهبت، وبعد مدة جاءني خبر بالموافقة، عملت لمدة شهر في المشروع، وبعد فترة أحضر لي هذا المراقب عقدا، وقال لي: يجب عليك توقيعه لأعطيه لمدير المشروع، فأخذته ونظرت للأسعار فهي مختلفة عن أسعاري فوافقت وختمته، وكتبت بندا في العقد أن تكون الدفعات عبارة عن شيكات باسمي (لكي لا يأخذ المراقب السعر الزائد)، وذهبت لمدير المشروع وأعطيته الورقة فوافق ووقعها على السعر الجديد، (المختصر أن المراقب الذي كان في الشركة أراد رفع السعر للاستفادة منه، ولكن الله شاء أن يطالب مدير المشروع بعقد لكل مقاول لكي يرى الأسعار، فأحضر المراقب الأسعار على ورقة الشركة وطلب مني ختمها، أخذتها وختمتها (وعليها السعر الجديد)، ومن ثم أنا ذهبت لمدير المشروع وأعطيتها له ووافق ووقع عليها، وأصبحت العلاقة مباشرة بيني ومدير المشروع الكلي، فهل يعتبر موافقة مدير المشروع على سعري المرفق في الورقة (السعر الجديد) حلال؟ مع العلم أني لا أعطي للمراقب أي شيء منه لأنني أعتقد ـ والله اعلم ـ أنه حرام ولا يجوز له.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا المراقب قد خان شركته وغشها؛ لأنه وكيل أو بمثابة وكيل عن الشركة في إحضار عروض الأسعار إليها، والوكيل أمين على ما وكل فيه، ويجب عليه أن يتصرف بالأحظ لموكله، وانظر للفائدة فتوانا رقم: 168885، وما أحيل عليه فيها.

وأما بخصوص اعتمادك السعر الزائد، فقد كان الواجب عليك ترك ذلك؛ لمخالفته النصيحة المطلوبة شرعا ولو لغير المسلم.
جاء في الموسوعة الفقهية : ذهب الفقهاء إلى أن النصيحة تجب للمسلمين، قال ابن حجر الهيتمي : يتأكد وجوبها لخاصة المسلمين وعامتهم، وقال الراغب الأصفهاني: عظم النبي صلى الله عليه وسلم أمر النصح فقال: الدين النصيحة، فبين عليه الصلاة والسلام أن النصح واجب لكافة الناس بأن تتحرى مصلحتهم في جميع أمورهم.
وقال المالكية: النصيحة فرض عين سواء طلبت أو لم تطلب إذا ظن الإفادة؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف، ونقل النووي عن ابن بطال أن النصيحة فرض كفاية يجزئ فيه من قام به ويسقط عن الباقين.
وهي لازمة على قدر الحاجة أو الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه...." إلخ.
وفيها أيضا: "ذهب الحنابلة إلى أنه لا يجب على المسلم أن ينصح الكافر أو الذمي لحديث: الدين النصيحة ؟ قلنا : لمن يا رسول الله، قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، وإلحاق غير المسلم بالمسلم يصح إذا كان مثله، وليس الذمي كالمسلم، ولا حرمته كحرمة المسلم.
وقال ابن حجر العسقلاني: التقييد بالمسلم ـ أي في حديث جرير ـ رضي الله تعالى عنه ـ وفيه: (فشرط علي النصح لكل مسلم) للأغلب، وإلا فالنصح للكافر معتبر، بأن يدعى إلى الإسلام، ويشار عليه بالصواب إذا استشار.
وعلى ذلك فعليك أن تنصح لمدير الشركة بأن تعلمه بزيادة السعر، فإن طابت نفسه بالتعاقد عليه، جاز لك الاستفادة من تلك الزيادة، وإلا فلا، وحينئذ يجب عليك ردها إليه.
وما فعلته من جعل التعامل بينك وبين مدير المشروع مباشرة هو الصواب؛ منعا للمراقب من أخذه ما لا يستحقه ونحو ذلك من التصرفات المحرمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني