الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زيادة الرزق بالاستغفار وهل هو يغير من قدر الله تعالى

السؤال

هل صحيح أن الاستغفار يزيد من المال والولد، كما في سورة نوح؟ وكيف يكون الرزق مكتوبا ومقدرا ويزيد، كما كتب على عرش الرحمن: "لا حيلة في الرزق"؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخبر الله -عز وجل- أن الاستغفار سبب كبير لتحصيل المال والولد, وزيادتهما؛ فقال سبحانه -حكاية عن نوح عليه السلام-: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } [نوح: 12:10]
لكن هذا لا يعني أنه بمجرد حصول الاستغفار يحصل الرزق للمستغفر مباشرة، فهذا ليس هو المقصود، بل المقصود: أن الاستغفار سبب في حصول الرزق، ولا يلزم من وجود السبب وجود المسبب، فقد يكون هناك مانع، ومن موانع الرزق: المعاصي؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد.
واعلم أن الله قد كتب مقادير الخلق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وأن ما جرى به القلم واقع ولا بد، ومن ذلك: ما قدره الله من المال والولد.
والقضاء والقدر ـ كما قال العلماء ـ نوعان: قضاء مبرم: وهو القدر الأزلي، وهو لا يتغير، كما قال تعالى:مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ {ق:29}، وقضاء معلق: وهو الذي في الصحف التي في أيدي الملائكة، فإنه يقال: اكتبوا عمر فلان إن لم يتصدق فهو كذا، وإن تصدق فهو كذا، وفي علم الله وقدره الأزلي أنه سيتصدق أو لا يتصدق، فهذا النوع من القدر ينفع فيه الدعاء، والصدقة، والاستغفار، لأنه معلق عليهما، وهو المراد بقوله تعالى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ {الرعد: 38، 39}.
وعليه؛ يمكن تغيير القدر المعلق بأمور وردت بها النصوص، كصلة الرحم، وبر الوالدين، وأعمال البر، والدعاء, والاستغفار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني