الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح حديث "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً.."

السؤال

ما هو تفسير هذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ان الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع آخرين) وهل المقصود ب(الكلام)هو كتاب الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فهذا الحديث رواه مسلم وأحمد في المسند وابن ماجه والدارمي ولفظه " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين " وفي رواية الدارمي " إن الله يرفع بهذا القرآن..." ولم يرد نص - فيما نعلم- بالصيغة التي ذكرها السائل الكريم، وكلام الله هو كتاب الله تعالى، وقد عرف العلماء القرآن بأنه كلام الله تعالى المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته، المتحدى بأقصر سورة منه.
وأما عن شرح الحديث فيقول ابن حجر يرحمه الله في الفتح: قوله: يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم.
ورفعة الدرجات ورفعها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة، وفي صحيح مسلم عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي وكان عامل عمر على مكة أنه لقيه بعسفان فقال له: من استخلفت؟ فقال: استحلفت ابن أبزى مولى لنا، فقال عمر استخلفت مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض فقال عمر: أما إن نبيكم قد قال " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين. " وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي: عند تفسير قوله صلى الله عليه وسلم " ومن أبطأ به عمله " من التبطئة وهما ضد التعجل، والبطء نقيض السرعة، والباء للتعدية، والمعنى من أخره عمله عن بلوغ درجة السعادة " لم يسرع به نسبه " من الإسراع أي لم يقدمه نسبه، يعني لم يجبر نقيصته لكونه نسيباً في قومه إذ لا يحصل التقرب إلى الله تعالى بالنسب بل بالأعمال الصالحة، قال تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وشاهد ذلك أن أكثر علماء السلف موال، ومع ذلك هم سادات الأمة، وينابيع الرحمة، وذوو الأنساب العلية الذين ليسوا كذلك في مواطن جهلهم نسياً منسياً، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: " إن الله يرفع بهذا الدين أقواماً ويضع به آخرين " كذا قال القاري في المرقاة، وقد صدق القاري. قال ابن صلاح في مقدمته روينا عن الزهري قال: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال: من أين قدمت يا زهري؟ قلت من مكة. قال: فمن خلفت بها يسود أهلها؟ قلت: عطاء بن أبي رباح ، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية، قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا. قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قال قلت: طاوس بن كيسان قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت: من الموالي. قال وبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء قال: إنه لينبغي. قال: فمن يسود أهل مصر؟ قال قلت يزيد بن أبي حبيب قال فمن العرب أم من الموالي ؟ قال قلت: من الموالي. قال فمن يسود أهل الشام؟ قال: قلت: مكحول. قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل ؟ قال: فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قلت: ميمون بن مهران. قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت من الموالي، قال: فمن يسود أهل خرسان؟ قال قلت: الضحاك بن مزاحم ، قال فمن العرب أم الموالي؟ قال قلت: الموالي. قال فمن يسود أهل البصرة؟ قال قلت: الحسن بن أبي الحسن، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت: من العرب قال: ويلك يا زهري فرجت عني والله ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، قال قلت: يا أمير المؤمنين إذا هو أمر الله ودينه، من حفظه ساده ومن ضيعه سقط انتهى.
والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني