الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة من حلف بالحرام على عدم فعل شيء ثم أراد أن يفعله

السؤال

حلفت بالحرام على إنجاز أمر معين في وقت معين, وإن لم يُنجز فلن أعود لمحاولة إنجازه. فما الحكم إن عدت للمحاولة مرة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمسلم أن يحلف بالحرام، ولا بالطلاق, ولا بغير ذلك مما سوى أسماء الله وصفاته، وإذا أراد أن يحلف فليحلف بالله تعالى أو ليترك، فقد روى البخاري، ومسلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت.

فتحريم الحلال لا يحرم به شيء سوى الزوجة -أي: إذا قال الزوج لزوجته: أنت علي حرام- على تفصيل انظره في الفتوى رقم: 155479.

وأما إن كان الحلف بالحرام على غير الزوجة: فقد اختُلف في وجوب الكفارة من عدمها، والراجح: وجوبها؛ لأن الله تعالى سمى التحريم: يمينًا، حيث قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ.. [التحريم:1-2].

قال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: ( مَنْ حَرَّمَ حَلالا سِوَى زَوْجَتِهِ مِنْ طَعَامٍ ) كَثَوْبٍ وَفِرَاشٍ ( كَقَوْلِهِ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَلا زَوْجَةَ لَهُ ) كَقَوْلِهِ: كَسْبُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ( أَوْ طَعَامُهُ عَلَيْهِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ) أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، لَمْ يَحْرُمْ, وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ, وَأَمَّا تَحْرِيمُ زَوْجَتِهِ: فَظِهَارٌ, وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ ( أَوْ عَلَّقَ ), أَيْ: تَحْرِيمَ حَلالٍ سِوَى زَوْجَتِهِ ( بِشَرْطٍ ) كَقَوْلِهِ عِنْدَ طَعَامٍ ( إنْ أَكَلْتُهُ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ لَمْ يَحْرُمْ ); لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } إلَى قَوْلِهِ: { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ }، وَالْيَمِينُ عَلَى الشَّيْءِ لا تُحَرِّمُهُ, وَلأَنَّهُ لَوْ حَرَّمَ بِذَلِكَ لَتَقَدَّمَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ كَالظِّهَارِ, وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِفِعْلِهِ، وَسَمَّاهُ: خَيْرًا ( وَعَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ كَفَّارَةٌ ) نَصًّا لِلآيَةِ. انتهى.

فتلزمك كفارة يمين إذا أعدت محاولة إنجاز ذلك الأمر الذي علقت عليه التحريم.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 54951، 20278، 26595.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني