الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنتم عالة. في قصة أسرى بدر

السؤال

ما معنى قول الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث أسارى بدر: "...أنتم عالة ..."؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "أَنْتُمُ عَالَةٌ" معناه أنتم فقراء؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الصحيحين: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. اهـ

وقد جاءت هذه الجملة في قصة أسرى بدر ـ كما أشرت ـ عندما استشار النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أصحابه.
وملخص هذه القصة كما جاء في السنن الكبرى للبيهقي "لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَوْمُكَ وَأَصْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَتِبْهُمْ؛ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ, وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ، قَدِّمْهُمْ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ, وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْتَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ فَأَضْرِمِ الْوَادِي عَلَيْهِمْ نَارًا، ثُمَّ أَلْقِهِمْ فِيهِ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ, فَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ, وَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ , وَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ. ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ، وَإِنَّ اللهَ لَيُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ , وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ {وَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} , وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى قَالَ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] , وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ مُوسَى قَالَ {رَبَّنَا اطْمِسَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوَا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88], وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ قَالَ {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26], أَنْتُمْ عَالَةٌ؛ فَلَا يَنْفَلِتَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ".

وذكر أنهم عالة؛ لأن ذلك كان في بداية قيام دولة الإسلام في المدينة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني