الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آخر رجل يدخل الجنة هل كان من أهل الصلاة

السؤال

سؤالي عن حديث آخر رجل يخرج من الجنة، ماذا كان يفعل في الدنيا؟ وما هي ذنوبه؟ هل لها علاقة بالعقيدة من كفر وشرك ونفاق أصغر؟ وهل كان يشهد بأن محمدا رسول الله؟ لأن حديث الشفاعة فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيشفع لرجل قال لا اله الا الله فقط، وهل كان يصلي ويؤدي الزكاة والصوم والحج؟!
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقصة آخر رجل يدخل الجنة مشهورة وثابتة في الصحيحين وفي غيرهما

ولكن لم ترد تفاصيل بشأن عمل ذلك الرجل في الدنيا وذنوبه التى جعلته آخر أهل الجنة دخولا إليها، لكن المفهوم من مجموع الأحاديث أنه من أهل التوحيد، فالجنة لا يدخلها مشرك أبدا، كما أن النار لا يخلد فيها مؤمن، والظاهر أن هذا الرجل كان من أهل الصلاة، فقد جاء في حديث أبي هريرة أن آخر فئة تخرج من النار، بعد أن يفرغ الله من القضاء بين العباد، تعرفهم الملائكة بآثار السجود، وأن هذا الرجل منهم. فقد روى البخاري ومسلم من حديث سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءِ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ...
وفيه: «حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلَامَةِ آثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدْ امْتُحِشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنْ النَّارِ» الحديث، وهذا لفظ البخاري.
وله أيضا: «وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنْ النَّارِ».

وما جاء في الحديث من أنه يخرج من النار قوم لم يعملوا خيرا قط، فمحمول على أنهم لم يعملوا عملا على التمام والكمال، أو محمول على حالة خاصة عذر صاحبها في ترك العمل، أو هو عام مخصوص بالصلاة لما تقدم من أن آخر من يخرج من النار هو من أهل الصلاة.

قال الإمام ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ: (هذه اللفظة: «لم يعملوا خيراً قط» من الجنس الذي تقول العرب: ينفى الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل: لم يعملوا خيراً قط على التمام والكمال، لا على ما أوجب عليه وأمر به، وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي).

وفي فتاوى اللجنة الدائمة: (وأما ما جاء في الحديث إن قوما يدخلون الجنة لم يعملوا خيرا قط، فليس هو عاما لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه، وإنما هو خاص بأولئك لعذرٍ منعهم من العمل، أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة، وما أجمع عليه السلف الصالح في هذا الباب).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني