الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تفعل البنت حيال تعنت أبيها ومنعها من الزواج

السؤال

أنا شاب مصري عمري 27 سنة أعمل طبيبا بشريا، تقدمت لخطبة فتاة عمرها الآن 22 سنة، وخريجة كلية اقتصاد وعلوم سياسية، وتقدمت لها منذ عام ونصف، وأبوها يعمل خارج مصر، وكان رده أن أنتظر حتى يأتي إلى مصر ونتكلم، وبعد ذلك لم يستطع النزول لظروف قهرية، وطلب تأجيل الموضوع، وبعد عدة أشهر وإلحاحي عليه أن يكلمني أو يوكل أحد إخوته يتكلم معي، طلب بياناتي حتى يسال عني، وبعد ذلك وكل زوج أخته لأنه كبير عائلتهم، وجلس معي، ثم اتصل بأبيها وقال له: إنه يجب أن يتم الموضوع، خصوصا أنه لن يستطيع النزول إلى مصر، وبعد ضغط زوج عمتها وافق فقط علي قراءة الفاتحة، علي أن يتم الزواج بعد سنة من قراءة الفاتحة، واتفقنا علي كافة التفاصيل، بعد مرور ستة أشهر أنهت الفتاة دراستها، وكان متبقيا عدة أشهر علي موعد الزواج المتفق عليه، ففوجئت الفتاة بطلب أبيها أن تسافر إليه حتى تعمل، وعندما سألته عن مصير زواجها كان رده أن الأهم هو العمل، وأن تذهب له حتى تؤمن مستقبلها والوظيفة، وحتى تحافظ علي إقامتها في هذا البلد، فردت وماذا عن اتفاقك مع محمود وأهله، قال لها: أنا لم أتفق ولم أجلس معه، فتحدثت إليه فكرر نفس كلامه مع ابنته، وقال: هذا ما عندي، فتحدثت إلى زوج عمتها باعتباره كبير العائلة الذي وكله أبوها، وبالفعل تحدث إليه، وكان رده أنه طلب من الرجل الخروج من الموضوع، وقال له: هذا ما عندي، وإلا لا أعرفها بعد اليوم، ويشيل هو كل حاجة (يقصد أن أتحمل أنا كل شيء)، ونقل زوج عمتها الرسالة وتأسف بعد إحراجه من أبيها، وكان ردي أنني مستعد لتحمل كافة المصاريف كما يقول، ولكن لن يدخل لي بيتا في هذه الحالة، تحدثت مع والدتها وتأسفت لي، وعندما تحدثت إليه قال لها: لا دخل لك في الموضوع، فقالت: ولكنها ابنتي وأريد الاطمئنان عليها، والرجل المتقدم لا يعيبه شيء، قال: هذا هو مزاجي ويجب أن يمشي كلامي وإلا هي ليست بنتي ولا أعرفها، وبعد ذلك حاولت معه أنا وابنته كثيرا علي مدار عام كامل حتى الآن، وكان دائما يقول لها في نهاية كل نقاش اعتبريني ميتا، وأنت لست بنتي ولا أعرفك وأنت عاقة وعاصية لأمر أبيك، وأنا تحدثت معه وقلت نصل لحل وسط، وهو أن نعقد القران وبعد ذلك تسافر، فرفض وقال يجب أن ينفذ كلامي مثلما قلت فقط، فأرسلت له رجلا من أصدقائه في العمل علي معرفة بي وأهلي فرفض أيضا، وحاولت جدتها وخالتها فلم يرد عليهم، وعنف زوجته أنه لا يريد أحدا أن يتحدث معه، وحاولت أختها الكبرى، وفي كل المحاولات متمسك بسفرها دون شبكة أو عقد قران وبعد سنة أو سنتين نتحدث وبدون أي أسباب سوي أن ينفذ كلامه ومزاجه؛ لدرجة أنني ترجيته في إتمام الزواج سريعا، خصوصا أني شاب وأريد أن أعف نفسي أنا وابنتك، والزواج سترة وأطلب منك مساعدتي بدلا من عرقلة الموضوع، فرفض وقال لي طاعة الأب أهم من كل شيء ومصمم على سفرها بدون أي أسباب، وإذا سأله أي أحد كان رده أنه لا نقاش وانتهي الكلام، ثم منذ شهرين قطع الاتصال بنا ولا يرد علي رسائلنا مطلقا، وإذا فاتحته زوجته بأن يتم الزواج ويستر بنته خصوصا أنه لم يرفضني من البداية، يقول لها: ما المشكلة لما تجئ هنا تقعد سنة أو سنتين كذلك ومرة يقول تقعد سنة، بالرغم أنه من البداية كان يشترط أن فترة الخطوبة لا تزيد عن 6 أشهر إلى سنة فقط، وأنه لا يحب تطويل فترة الخطوبة، ومرة حاولت الفتاة معه برفق ولين وذكرته ببعض الأحاديث وبعض الفتاوى المشابهة، قال لها: أنا أعرف ديني جيدا، فقالت له: طيب ممكن حضرتك تستشير رأي أحد الشيوخ أو علماء الدين، قال لها: أنا لست محتاجا لأحد يعلمني ديني، ولن أسأل، نحن الآن مرت سنة ونصف علي وقت تقدمي للزواج، ومرت 9 أشهر علي قراءة الفاتحة، ونحن نريد الزواج علي سنة الله ورسوله، حتى نستر أنفسنا، ولا نضيع وقتا أكثر من ذلك، ما حكم الشرع في تعنته؟ وهل هذا عقوق منها في طلبها إتمام الزواج كما يقول الأب؟ وكيف يتم الزواج الآن؟ ومن يكون وليها؟ علما بأن أمها وأهل أمها وأهلي موافقون.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت فإنّ هذا الوالد ظالم لابنته وعاضل لها، ولا تلزمها طاعته في تأخير زواجها وسفرها إليه، ولا يضرها غضبه عليها ما دام يغضب بغير حق، ويتعنت هذا التعنت، والذي ننصح به أن يتوسط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ممن له وجاهة عنده ليكلموه ويبينوا له حكم الشرع في عضله ابنته وتأخيره زواجها دون مسوّغ، فإن أصرّ على ما هو عليه، فمن حقّ البنت والحال هكذا أن ترفع أمرها للقاضي الشرعي ليزوجها أو يأمر وليها بتزويجها، و في جواز انتقال الولاية للأبعد من الأولياء دون الرجوع للحاكم خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة (رحمه الله): إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان وهو اختيار أبي بكر وذكر ذلك عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وشريح وبه قال الشافعي. المغني لابن قدامة (7/ 30)
وقد سبق أن رجحنا القول بانتقال الولاية إلى الولي الأبعد دون السلطان كما في الفتوى رقم: 32427.
فعلى هذا القول يجوز أن يزوجها الأقرب من أوليائها غير أبيها، وانظر ترتيب الأولياء في الفتوى رقم: 22277.
وننبه إلى وجوب بر الأب ومصاحبته بالمعروف مهما كان حاله ومهما أساء إلى ولده، وانظر الفتوى رقم: 114460.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني