الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك المرأة بيت زوجها لسكن أمه معها وإساءتها عشرتها

السؤال

أنا يتيمة الأب والام، كذبَتْ عليَّ أم زوجي أثناء الخطبة بأن الشقة التي سأتزوج فيها هي شقة زوجي، وأنه سوف يتسلم عمله بعد موعد زفافنا بشهرين، وبعد زواجنا أجبرتْه ألا يستلم عمله حتى لا يبتعد عنها، لأن الوظيفة كانت في القاهرة، وهو حريص على رضاها لأبعد الحدود، وحتى الآن وبعد مرور عامين على زواجنا، وبعد أن رزقنا الله بطفلة عمرها عشرة أشهر، هو لا يعمل، وكلما وجد عملا في القاهرة تجبره على الرفض، وإلا سوف تغضب عليه, فيخاف, ويتركه, وتريده أن يعمل في عمل قريب أجره فيه لن يزيد عن 500 جنيه, وليس له مستقبل, وبشرط أنه عندما يستلم راتبه يعطيه لها بالكامل باعتبارنا أسرة واحدة, بالرغم من أن أخاه يعمل في القاهرة وراتبه يزيد عن 1800 جنيه, ولا تطلب منه أي نقود.
وتسيء معاملتي، ودائمة الشكوى مني لزوجي، وتجبره على إساءة معاملتي, وجعلته يضربني، وبعد أن ضربني أخذت في الضحك والمزاح من فرط السعادة مما أهان كرامتي، ولا تهتم بشراء أي شيء لي, ولا حتى عَرضي على الطبيب إذا مرضت، مع أني أقوم برعاية منزلها, وخدمتها هي وابنها على أكمل وجه خوفا من الله, وتتهمني بأني زوجة ذات مشاكل، لأني لا أشاركها الحديث عن الناس، وكشف عيوبهم, والسخرية منهم, كما أنها تطلب أن أخدم ابنها الآخر حتى ولو على حساب حقوق زوجي, وتريد مني أن أفضله على زوجي في الخدمة، ويقولون لي إني هنا لست أكثر من خادمة مع أني أعلى منهم جميعا في الدرجة العلمية, وتتدخل في شئوني تدخلا مبالغا فيه, وتريد أن تعرف ما يدور بيني وبين زوجي حتى في خلوتنا الشرعية, فأمتنع عن الإجابة، لأنه حرام شرعا, فتغتاظ, وتشكو مني لزوجي كذبا بأشياء لم أفعلها فتفسد علاقتنا, وإذا دافع عني زوجي رافعا عني الظلم, تتهمه بالعقوق, وتدعو علينا بالفشل, وعدم الراحة.
وحاليا أبحث أنا وزوجي عن وظائف في القاهرة, وهي رفضت كالعادة، ولكننا لم نطعها هذه المرة, وهى الآن غاضبة, ولا تكلمنا, وتقول بأنها غير راضية عنا, ولن نفلح أبدا, فأحسست بخوف زوجي من توعدها, وشعرت أنه يريد أن يخضع لأمرها, فثرت هذه المرة, وتركت المنزل, وعدت إلى منزل أبي، وأعيش فيه منذ يومين وحدي، فهل ما فعلته صحيح؟ وهل أنا بهذه الطريقة أضغط عليه, لكي يعق أمه؟ أنا خائفة من الله, ولكني لم أعد أحتمل لدرجة أني أصبت بالتهاب في الأعصاب من فرط التوتر, والضغط, والحزن طيلة عامين, وإني فعلت هذا حفاظا على ما بقي من كرامتي.
أرجو الإجابة السريعة لأني أتعذب خوفا من الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرتِ: فإنّ أمّ زوجك ظالمة لك، ومن حيث الأصل: لا تلزمك خدمتها أو خدمة غيرها من أقارب زوجك، ومن حقّك الامتناع من مساكنتها, ومطالبة زوجك بمسكن منفرد, وأن ينفق عليك بالمعروف، وبقاؤك في بيت أهلك حتى يؤدي زوجك لك حقوقك جائز، وانظري الفتوى رقم: 137672.

ولا تجب على زوجك طاعة أمّه في ترك السفر إلى البلد الذي يجد فيه عملًا يتكسب منه، قال ابن نجيم (الحنفي): "وَأَمَّا سَفَرُ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ: فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ليس فيه خَوْفُ هَلَاكِهِ" البحر الرائق - (5 / 78)
وقال الأنصاري (الشافعي): "أَمَّا السَّفَرُ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْأَمْنُ: فَلَا مَنْعَ مِنْهُ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا, كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ, وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ" شرح البهجة الوردية - (18 / 357)
ولا يضرّه غضبها منه, ولا دعاؤها عليه بغير حقّ، قال ابن علان: "(ودعوة الوالد على والده) أي: إذا ظلمه ولو بعقوقه" دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (6 / 301)

وقال المناوي: "وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق" التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوي - (1 / 950)
لكن على كل حال؛ فإن على زوجك أن يبرّ أمّه, ويحسن إليها بقدر استطاعته, ولا يجوز له أن يسيء إليها أو يقطعها، فإنّ حقّ الأمّ على ولدها عظيم، ولا يجوز لك الخروج من بيت زوجك بغير إذنه، ولك المطالبة بالسكن المستقل كما سبق.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني