الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يبلغ درجات الصحابة أحد ممن جاء بعدهم

السؤال

هل يمكن بلوغ درجات الصحابة والصالحين بعمل واحد، كأن أذهب إلى الجمعة مبكرا، وأجر كل خطوة بسنة، هل من الممكن بهذا الفعل أن أتجاوزهم إذا احتسبت ذلك عند الله عز وجل؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبلوغ درجات الصحابة لا يمكن لأحد ممن جاء بعدهم أن يبلغها بجميع أعماله، فضلا عن عمل واحد، وأكثر العلماء على أن كل واحد من الصحابة أفضل من كل واحد ممن جاء بعدهم، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في منهاج السنة النبوية: العلماء متفقون على أن جملة الصحابة أفضل من جملة التابعين، لكن هل يفضل كل واحد من الصحابة على كل واحد ممن بعدهم ويفضل معاوية على عمر بن عبد العزيز؟ ذكر القاضي عياض وغيره في ذلك قولين وأن الأكثرين يفضلون كل واحد من الصحابة وهذا مأثور عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما، ومن حجة هؤلاء أن أعمال التابعين وإن كانت أكثر وعدل عمر بن عبد العزيز أظهر من عدل معاوية وهو أزهد من معاوية لكن الفضائل عند الله بحقائق الإيمان الذي في القلوب، وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، قالوا فنحن قد نعلم أن أعمال بعض من بعدهم أكثر من أعمال بعضهم لكن من أين نعلم أن ما في قلبه من الإيمان أعظم مما في قلب ذلك والنبي صلى الله عليه و سلم يخبر أن جبل ذهب من الذين أسلموا بعد الحديبية لا يساوي نصف مد من السابقين، ومعلوم فضل النفع المتعدي بعمر بن عبد العزيز فقد أعطى الناس حقوقهم وعدل فيهم فلو قدر أن الذي أعطاهم ملكه وقد تصدق به عليهم لم يعدل ذلك مما أنفقه السابقون إلا شيئا يسيرا وأين مثل جبل أحد ذهبا حتى ينفقه الإنسان وهو لا يصير مثل نصف مد، ولهذا يقول من يقول من السلف غبار دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل من عمل عمر بن عبد العزيز. انتهى.
ويبين شيخ الإسلام سبب هذا الفضل العظيم للصحابة، والذي لا يمكن لأحد سواهم الوصول إليه، فيقول في المنهاج: وذلك أن الإيمان الذي كان في قلوبهم حين الإنفاق في أول الإسلام وقلة أهله وكثرة الصوارف عنه وضعف الدواعي إليه لا يمكن أحدا أن يحصل له مثله ممن بعدهم، وهذا يعرف بعضه من ذاق الأمور وعرف المحن والابتلاء الذي يحصل للناس وما يحصل للقلوب من الأحوال المختلفة. انتهى.
وأما الصالحون من غير الصحابة فقد يبلغ المرء درجتهم بعمل واحد يعظم فيه إخلاصه لله وافتقارهم إليه بوصوله لتلك الدرجة.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 263002.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني