الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم توكيل العميل في الشراء والبيع

السؤال

أنا تاجر مواد غذائية، وحالي مستور من فضل الله، تلقيت عرضًا من صديقي بأن يعطيني مبلغًا معينًا بغية شراء بضاعة؛ بحيث يدفع المال وأقوم أنا بالبحث عن البضاعة وشرائها، وأتولى شحنها إلى مستودعاتي (ويكون هو المسؤول عن البضاعة حتى وصولها إلى المستودعات)، وبعدها أشتري البضاعة مقابل ربح معين (قد يكون 5 ريال على الكرتون مثلا) على البضاعة، وتنتقل ملكيتها لي، ونتفق على طريقة الدفع، ومن ثم بيعها في متجري بعد وصول البضاعة إلى مستودعي تعتبر البضاعة ملكي ولي الحق بالتصرف بها كيف أشاء، ولا يتحمل هو أي ضرر يحصل من تاريخ استلامي البضاعة، وأنا لا أضمن له رأس المال حتى أستلم البضاعة، وسيحصل صديقي على ربح البضاعة ورأس ماله إذا وصلت البضاعة سليمة ووفق الشروط، ويخسر صديقي إذا لم تصل البضاعة وفقًا للشروط، فصديقي سيدفع المال فقط، ولا يقوم بأي جهد، وقد لا يعرف صديقي تفاصيل البضاعة كاملة، (مثلًا عصائر، ولكن قد لا يطلع على تفاصيل الأصناف، والنكهات والأحجام)، وإنما يطلع صديقي على السعر الكلي للبضاعة، وقد لا يطلع على تفاصيل الأسعار بشكل دقيق، كل منتج على حدة، حفاظًا على أسرار عملي، وبحكم عدم خبرته. فهل هذه الشراكة صحيحة؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعاملة المذكورة أشبه ما تكون بالمرابحة، وهي لا حرج فيها إذا روعيت فيها الضوابط الشرعية، وفق ما بينا ه في الفتوى: 45858.

ومن ذلك تملك البائع للسلعة تملكًا حقيقياً قبل بيعها للآمر بالشراء، وقبضه لها، ولا سيما لو كانت طعامًا، وما ذكرته يدل على تحقق ذلك.

غير أن قيامك بذلك وكالة عنه محل خلاف بين أهل العلم، والراجح جواز ذلك ما لم يكن حيلة على الربا، والظاهر أنه لا حيلة فيما ذكر لرغبتك في السلعة، وتملكك لها، وكون البائع يتولى ضمانها بعد شرائه لها حتى يتم عقد البيع بينك وبينه عليها، وإن كان الأولى ترك ذلك ليتولى البائع نفسه الشراء والحيازة، أو يوكل غيرك في ذلك.

وأما عدم معرفته للتفاصيل الدقيقة عن البضاعة كمعرفته لمكونات العصير -مثلا- ونسب المواد فيه وهكذا، فلا يشترط لصحة تلك المعاملة.

ويلزم -إذا وصلت البضاعة لك- أن تجري عقد البيع مع صاحبك، لا أن تشتري من نفسك باعتبارك وكيلًا عنه، وهكذا في كل صفقة، تجنباً لصورية المعاملة وقربها من التعامل الربوي، وهذا بعد أن يطلع صاحبك على عقود الشراء من المصدر، ويتأكد من وصول السلعة.

وينبغي أن يدفع صاحبك بنفسه ثمن السلعة للمصدر لا أن يودعه في حسابك، ما أمكن ذلك.

جاء في المعايير الشرعية: (الأصل أن تشتري المؤسسة السلعة بنفسها مباشرة من البائع، ويجوز لها تنفيذ ذلك عن طريق وكيل غير الآمر بالشراء، ولا تلجأ لتوكيل العميل (الآمر بالشراء) إلا عند الحاجة الملحة، ولا يتولى الوكيل البيع لنفسه، بل تبيعه المؤسسة بعد تملكها العين، وحينئذ يراعى ما جاء في البند 3/1/5، [وهو عن وجوب الفصل بين الضمانين، ضمان المؤسسة وضمان العميل].
يجب اتخاذ الإجراءات التي تتأكد المؤسسة فيها من توافر شروط محددة في حالة توكيل العميل بشراء السلعة، ومنها:
(أ) أن تباشر المؤسسة دفع الثمن للبائع بنفسها، وعدم إيداع ثمن السلعة في حساب العميل الوكيل.
(ب) أن تحصل من البائع على وثائق للتأكد من حقيقة البيع). انتهى .

وجاء في ملحق المعيار: (مستند أولويّة أن يكون الوكيل عند حاجة المؤسسة للتوكيل شخصاً غير الآمر بالشراء: هو الابتعاد عن الصورية والالتباس بأن التملّك هو لصالح الآمر بالشراء، ولكي يظهر دور المؤسسة في العملية، وللفصل بين الضمانين: ضمان المؤسسة، وضمان الآمر بالشراء بعد البيع.
- مستند مطالبة المؤسسة بدفع الثمن مباشرة للمصدر: هو اجتناب الشبهة في تحوّل المعاملة إلى مجرد تمويل بفائدة).

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية ما يلي:

(ثانياً: إن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها، مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
ثالثاً: إن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها، وأن يبرم بعقد منفصل). انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني