الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة أثر علي بن أبي طالب (ما فعل ضاربي..)

السؤال

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع، وجعله الله في ميزان حسناتكم.
بعد أن طعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: "ما فعل بضاربي؟" قالوا: "أخذناه"، قال: "أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي، وإن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا تزيدوه عليها".
ثم أوصى الحسن أن يغسله وقال: "لا تغال في كفن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: «لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلباً سريعاً» [الذهبي].
وأوصى: "امشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي، ولا تبطئوا، فإن كان خيرًا عجلتموني إليه، وإن كان شراً ألقيتموني عن أكتافكم".
سيدي الفاضل هل هذا الأثر صحيح عن علي ـ رضي الله عنه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد روى هذا الأثر ابن زبر الربعي في (وصايا العلماء عند حضور الموت) فقال: حَدَّثَنَا أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَرِيفٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ, نا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ تِلْكَ الضَّرْبَةَ قَالَ: "مَا فَعَلَ ضَارِبِي؟ قَالُوا: قَدْ أَخَذْنَاهُ. قَالَ: أَطْعِمُوهُ مِنْ طَعَامِي, وَاسْقُوهُ مِنْ شَرَابِي, فَإِنْ أَنَا عِشْتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي, وَإِنْ أَنَا مِتُّ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً, لَا تَزِيدُوهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَوْصَى الْحَسَنَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنْ يُغَسِّلَهُ, وَلَا يُغَالِيَ فِي الْكَفَنِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَغْلُوا فِي الْكَفَن, فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا» , وَامْشُوا بِي بَيْنَ الْمِشْيَتَيْنِ, لَا تُسْرِعُوا بِي, وَلَا تُبْطِئُوا, فَإِنْ كَانَ خَيْرًا عَجَّلْتُمُونِي إِلَيْهِ, وَإِنْ كَانَ شَرًّا أَلْقَيْتُمُونِي عَنْ أَكْتَافِكُمْ". انتهى.
وقد ضعف إسناده الشيخ عبد القادر الأرناؤوط ـ رحمه الله ـ حيث قال: وإسناده ضعيف، فإن فيه عمرو بن هاشم أبو مالك الجَنْبي، وهو لين الحديث كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب 5/68 : وقال الدارقطني في العلل: لم يسمع الشعبي من عليٍّ إلا حرفا واحدا، ما سمع غيره، كأنه عنى ما أخرجه البخاري في الرجم عنه عن علي ـ رضي الله عنه ـ حين رجم المرأة قال: رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.
وقد روى بعض هذا الأثر ابن أبي الدنيا في كتابه (مقتل علي بن أبي طالب عليه السلام) فقال: حدثنا الحسين نا عبد الله قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح نا عمرو بن هاشم عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: لما ضرب علي تلك الضربة. قال: ما فعل ضاربي. قالوا: قد أخذناه. قال: أطعموه من طعامي واسقوه من شرابي فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي، وإن أنا مت فاضربوه ضربة ولا تزيدوه عليها. انتهى.
وفي سنده أيضا العلتان اللتان ذكرهما الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في تعليقه على السند السابق من كتاب (وصايا العلماء).
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني