الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم الموظف الذي ليس عنده من العلم والقدرة ما يؤهله للوظيفة التي يشغلها

السؤال

أريد أن أستفسر عن شيء مهم، وهو أنني أعمل كأخصائية نفسية بدار المسنين، ودراستي كلها ليست على الفئة التي أعمل معها، فهي مجملة، مع العلم أنني درست في الجامعة، وفي دراستي لم يشرح لنا الأساتذة العلاجات بطريقة تمكنني من الخوض فيها، بل حتى تشخيص الأمراض المدروسة من تعبي الشخصي، ومن مجهودي الخاص، وكل دراستي على الفئات الأوروبية، أو الفئة المحددة على بيئة عربية لا تنطبق على المجتمع، أو الفئة التي أعمل معها، فأجد عراقيل كثيرة، لدرجة أنني أسأل نفسي: هل رزقي حلال أم حرام؟
وكون الناس يتحدثون أنني لا أقوم بعملي، مع أن هذه الفئة عبارة عن أشخاص مسنين ريفيين ذوي طبع خشن، وأجد صعوبة في إقناعهم بالصلاة فالوازع الديني ضعيف لديهم، حتى إنهم في بعض الأحيان يرفضون عملية الاستحمام، فهؤلاء الأشخاص يصعب التعامل معهم،
كما أنني لا أستطيع تطبيق العلاج الأوروبي على هذه الفئة؛ لكون كل مجتمع له خصائصه.
وبمنتهى الصدق أجد نفسي في مقعدي طيلة اليوم، إلا أنني أركز على نظافتهم، وكيفية التعامل معهم، وملاحظة السلوك، والحديث أغلب الأحيان، فإنني أعجز عن خلق شخص جديد، في إنسان قديم مسن، ليغير حياته، أو يتقدم في دينه لأن الأغلبية منهم حتى الصلاة لا يصلون، ولا يقبلون حتى الصيام.
فماذا أفعل في رزقي؟ وهل هناك حكم أنني آكل الحرام منه، مع العلم أن المؤسسة تخضع لنظام الترتيب، فالفئة يتعامل معها أكثر من شخص ولست وحدي المتكفل بها، وهذا ما يعيق العمل أكثر، فاني أتساءل هل رزقي حلال أم حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليست العبرة هنا بكون هذه الفئة التي تعملين معها كانت ضمن مجال دراستك النظامية، ولكن العبرة بالكفاءة المهنية، فإن استطعت بمجهودك الشخصي أن تتأهلي للعمل معهم، فلا حرج عليك في البقاء في هذا العمل.

وأما إن كنت لا تستطيعين إفادة هؤلاء المسنين الريفيين، ولا القيام بما يلزم القيام به نحوهم ممن يعمل في هذا المجال، وليس عندك من العلم والقدرة ما يؤهلك لهذه الوظيفة، فنرى أنك لا تستحقين الراتب، وأن عليك ترك هذا العمل، أو طلب النقل إلى جهة تستطيعين القيام بوظيفتك فيها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قيل: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة. رواه البخاري.

قال الشيخ ابن عثيمين في (شرح رياض الصالحين): في هذا التحذير من تضييع الأمانة، وأنه يجب أن يولي المناصب الأهل فالأهل؛ لأن هذا مقتضى الأمانة. اهـ.
وقال الشيخ حمزة القاسم في (منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري): أي إذا أسندت الأمور الهامة التي ترتبط بها مصالح المسلمين من إمارة، وقضاء، وحسبة، وشرطة إلى غير أصحاب الكفاءات الشرعية، والإِدارية، والعلمية، والفنية، وسلمت لغير ذوي الاختصاص، فقد ضاعت الأمانة وأوشكت الساعة أن تقوم؛ لأن الولاية أمانة، ومسؤولية لا يمكن أن يؤديها إلاّ من كان عالماً بها، ناصحاً فيها، مقدراً لمسؤوليته نحوها، فإذا وليها غير أهلها من الجهلة، أو الخونة لم يقوموا بأدائها، فتضيع مصالح الناس ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني