الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في فوائت الصلاة

السؤال

أعانكم الله على الخير وبارك الله فيكم.
أتمنى منكم الجواب الشافي الذي يريحني ويطمئنني.
أنا شاب في الثلاثين من عمري، ملتزم في صلاتي، ـ والحمدلله ـ وأذكر الله وأقرأ القرآن بانتظام، وقد بدأت في حفظه تدريجيا، لكن للأسف في بداية شبابي لم أكن ملتزما في صلاتي، تارة أصلي، وتارة أترك الصلاة، يوما أصلي، ويوما أترك، شهرا أصلي، وشهرا أقطع، أحيانا أصلي الظهر والعصر وأترك الباقي، إلا أني تبت إلى الله والتزمت في صلاتي وفي ديني، ـ والحمد لله ـ عسى أن يتقبل مني الله.
لكن ما يؤلمني ألما شديدا وألما في قلبي عندما أفكر في تلك الأيام التي أضعت فيها الصلاة، وعندما أقرأ القرآن أو أسمعه وتمر علي آيات العذاب أشعر بالرهبة والخوف الشديد عندما أتذكر ما تركت من صلوات، وأدعو الله وأبكي أحيانا أن يعفو عني ويغفر لي، وأصبحت دائم القلق والتفكير بما أفعله للتعويض عن ما فاتني من صلوات تركتها عمدا وتكاسلا، وأني أشعر بالندم، وأشعر أحيانا بأن الله غاضب علي أو لن يغفر لي؛ لأني أحيانا أفتقد للشعور بالخشوع في الصلاة، فأشعر بأن الله غاضب أو ختم على قلبي، ولكن أشعر بألم في قلبي عند المرور بآيات العذاب، وأشعر بخوف ورهبة عند ذكر اسم الله في القرآن.
أحبتي أعينوني على ما علي أن أفعله؟ وكيف أعوض ما فاتني؟
هناك من قال لي التوبة تمحو ما قبلها، وإنك كنت كافرا بتركك للصلاة، وبتوبتك فتحت صفحة جديدة، وهناك من قال لي: عليك بالإكثار من النوافل وقيام الليل والدعاء، وهناك من قال عليك بقضاء كل ما فاتك مع التوبة، بالرغم من أني لا أعرف كم تركت من صلوات، ولا أعرف كيف سأقضي وأنسق بين حياتي وعملي وصلواتي المفروضة، وبين ما سأقضيه من صلواتي الفائتة المتروكة، مع العلم أن نهاري أقضيه بالعمل، وليلا أعود تعبا أنام لأقوم لصلاة الليل وأقرأ القرآن وأصلي الفجر وأذهب للعمل، فكيف أنظم أموري؟ وما الذي علي أن أفعله؟ وهل سيغفر لي الله أو يتوب علي؟
أريحوني أراحكم الله، لقد ضاقت بي نفسي.
لكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله الذي تاب عليك وأعانك على الاستقامة، ثم اعلم وفقك الله أن التوبة مقبولة من كل أحد، فمهما كان الذنب عظيما فإن عفو الله تعالى أعظم ورحمته أشمل، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا ندمت على ما مضى منك من التقصير والتفريط، وعزمت على عدم العودة إلى ذنبك، وحافظت على الصلوات في أوقاتها، فأحسن ظنك بربك وثق بعفوه وسعة جوده وكرمه، وأنه سيغفر لك ويتجاوز عنك، وأما ما مضى من صلواتك التي تركتها ففي وجوب قضائها خلاف مشهور بين العلماء، أوضحناه في الفتوى رقم: 128781، والمفتى به عندنا هو لزوم القضاء، والواجب عليك أن تقلد في هذه المسألة من تثق بعلمه وورعه من أهل العلم، وقد بينا ما يلزم العامي عند الخلاف في الفتوى رقم: 120640، فحيث قلدت من يفتي بعدم لزوم القضاء فإنك تكثر من النوافل والاستغفار ويكفيك هذا، وحيث أخذت بما نفتي به -وهو الأحوط- فإنك تتحرى عدد ما تركته من الصلوات فتقضيها حتى يحصل لك العلم ببراءة ذمتك، ولا يلزمك القضاء بما يشق عليك وتتضرر به في بدنك أو معيشة تحتاجها، وراجع لبيان كيفية القضاء فتوانا رقم: 70806، ويرى فقهاء المالكية أنه يكفيك قضاء يومين مع كل يوم، وهذا القضاء مقدم على فعل النوافل؛ كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 263875، وأما خلاف العلماء في حكم تارك الصلاة فقد بيناه في الفتوى رقم: 130853 ورجحنا أنه لا يكفر كفرا ناقلا عن الملة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني